أحياء مكة
عند المدخل القادم من ناحية جدة ، وعندما ندور حول زاوية واد من الزلط والرمل ، نشاهد برجين مستديرين من أبراج المراقبة ، هذان البرجان أنشأهما الشريف غالب للدفاع عن عاصمته. المسافر يشاهد أبراجا أخرى من هذا القبيل عند مداخل المدينة الأخرى ، وهذه الأبراج تتسع لحوالى عشرين شخصا ، وعندما تقترب التلال بعضها من بعض عند مدخل المدينة ، نجد أن هذه الأبراج هى التى تتحكم فى الممر. يبدو أنه كانت هناك من قبل بوابة فى هذا المكان ، ولم يعد يتبقى منها سوى عتبتها ، بالقرب من مبنى صغير ، يتجمع عنده موظفو الشريف غالب لتحصيل الرسوم على البضائع ، إلخ الداخلة إلى المدينة. هنا أيضا صف من الدكاكين ، والمنازل السكنية الخفيضة المدمرة ، التى يطلق الناس هنا عليها اسم الحارة ، أو إن شئت فقل : حى الجرول ، هذه الحارة تشتمل على مخيم فى الجهة اليمنى ، يعيش فيه البدو الذين يعملون فى نقل التجارة بين مكة وجدة ، وهؤلاء البدو من قبيلة حرب ، والمطرفى واللهاوى أيضا.
يتغير فى المنطقة الواقعة خلف جرول اسم الشارع إلى حارة الباب ، حارة الباب هذه عبارة عن شارع واسع ، فيه العديد من المنازل الجيدة ، وهو يؤدى إلى حى الشبيكة ، الذى يمتد فى اتجاه الناحية اليمنى ، وهو يسمى بهذا الاسم لأن أتباع محمد صلىاللهعليهوسلم جرى الهجوم عليهم من قبل أعدائهم ، هناك كثير من المنازل الجيدة فى الشبيكة ، التى تعد واحدة من أنظف الأحياء وأصحها فى المدينة كلها. كثيرون من أهل جدة يعيشون فى حى الشبيكة ، وفى الشبيكة أيضا نجد منزلا جميلا من ممتلكات الشريف غالب ، عاشت فيه أسرته المكونة من عدد كبير من الأطفال الصغار ، والبنات الكبار ، بعد عزل الرجل من منصبه. الشارع الرئيسى فيه بعض المقاهى ، التى ينطلق البريد منها كل يوم فى المساء ، على ظهور الحمير ، التى تحمل الرسائل المرسلة إلى جدة. هذا هو المكان الوحيد الخاص بالرسائل الذى شاهدته فى الشرق ، علاوة على ذلك المكان الذى أنشأه الأوروبيون فيما بينهم فى القاهرة ، ليعمل على نقل