تصدير المعد
مضت الآن بضع سنوات على تقديم قسمين من مؤلفات بوركهارت (هما : أسفار فى النوبة وسوريا) للجمهور ، واستقبال الجمهور لهذين القسمين استقبالا لائقا. كان نجاح هذين الكتابين مؤكدا لا بحكم فائدتهما ، وإنما بحكم شهرة من قام بإعدادهما للنشر ؛ حيث إنه كان باحثا وأثريا ، ورحالا وجغرافيا أيضا. وهنا يجب ألا ينظر إلى التأخر فى نشر هذين الجزأين على أن محتوياتهما أقل أو أدنى أهمية من تلك الأجزاء التى ثبتت أهميتها وغزارة مادتها عند جمهور كبير من القراء. كان قد تقرر لهذه اليوميات ، والمؤلفات الأخرى لذلك المؤلف الذى لقى ربه ، أن تصدر متتالية من المطبعة على حد قول العقيد ليك فى التصدير الذى كتبه لكتاب ترحال فى سوريا : «كانت المخطوطات كافية لإصدار جزأين : جزء منهما خاص بأسفار الرجل فى الجزيرة العربية ، التى كانت مقصورة على الحجاز أو أرض المسلمين المقدسة ، ذلك الجزء الذى يصعب وصول المسيحيين إليه.
وفيما يتصل بذلك الجزء المعروض حاليا على القارئ ، نجد العقيد ليك ، يعبر فى موضع آخر عن رأى ينطوى على كثير من التملق. يقول العقيد ليك : «نقل بوركهارت إلى الجمعية أكمل رواية وأدقها عن الحجاز ، بما فى ذلك مكة [المكرمة] والمدينة [المنورة] ، وقد تمكن بوركهارت بفضل معرفته للغة العربية والعادات الإسلامية من انتحال شخصية المسلم انتحالا دقيقا ، إلى حد أنه أقام فى مكة طوال فترة الحج ، وأدى المناسك ، دون أن يتطرق الشك إلى شخصيته». (راجع سيرة بوركهارت الملحقة بكتابه أسفار فى النوبة ، طبعة عام ١٨١٩ م.