ثمانين ألف نسمة وتسعين ألف نسمة. وأقدر سكان القاهرة بما لا يزيد على مائتى ألف نسمة. أما مكة التى شاهدتها قبل الحج وبعده ، وأعرفها معرفة جيدة خلافا لسائر مدن الشرق كلها ، فإن نتائج أبحاثى وتدقيقى تجعلنى أقدر عدد سكانها بما يتردد بين خمسة وعشرين ألف نسمة وثلاثين ألف نسمة للسكان المقيمين فى كل أحياء المدينة وضواحيها ، هذا بالإضافة إلى ما يتراوح بين ثلاثة آلاف حبشى وعبد أسود إلى أربعة آلاف ، ومساكن مكة كافية لاستيعاب ضعف هذا العدد ثلاث مرات. فى زمن السلطان سليم الأول (وذلك نقلا عن قطب الدين فى العام ٩٢٣ الهجرى) جرى عمل إحصاء للسكان فى مكة ، وذلك قبل توزيع منحة من القمح عليهم ، ووجدوا أن عدد السكان حوالى اثنى عشر ألف نسمة ، رجالا ، ونساء ، وأطفالا. قطب الدين يوضح أيضا أن عدد السكان فى الأزمان المبكرة كان أكبر من ذلك بكثير ، والسبب فى ذلك أن أبو ظاهر ، زعيم القرامطة (مذهب مهرطق من المذاهب الإسلامية) عندما هاجم مكة وسلبها فى العام ٣١٤ الهجرى جرى قتل ثلاثين ألفا من سكان المدينة على أيدى جنوده المتوحشين الطغاة.
وصف بيت الله فى مكة
يقع المسجد الحرام فى ذلك الجزء من الوادى الذى يتسع على نحو أكبر من سائر أنحاء الوادى الداخلية فى مدينة مكة ، هذا المسجد الحرام يسميه الناس أيضا بيت الله أو الحرم ، الذى هو مبنى شهير فقط بسبب الكعبة الموجودة داخله ، مع أن هناك مساجد أخرى متعددة فى أماكن أخرى تتساوى مع بيت الله فقط من ناحية الحجم ، وتفوقه من حيث الجمال.
تقع الكعبة فى ميدان بيضاوى الشكل ، طوله حوالى مائتين وخمسين خطوة وعرضه حوالى مائتى خطوة ، وأضلاعه ليس فيه ضلع واحد مستقيم ، على الرغم من أن الموقع يبدو للوهلة الأولى وكأنه شكل منتظم. هذا الميدان المكشوف محاط من الجانب الشرقى ببهو من الأعمدة : الأعمدة الحاملة فيها تقف على شكل صف من مجموعات رباعية ، هذا الصف من الأعمدة الحاملة مكون على الجانب الآخر من مجموعات ثلاثية ،