الأماكن التى فى هذه المنطقة والمناطق المجاورة ، لم ينطبق فى كل الأحيان على ما قاله كبار الجغرافيين الآخرين (*).
قد نتساءل عن السبب الذى جعل رحالنا البحاثة فى كل الأحيان لا يتعلم من أحد المواطنين النابهين الامتداد الدقيق للحجاز والحدود الدقيقة له ، والرد على هذا السؤال نجده فى المقطوعة التى كتبها بوركهارت فى نهاية الكتاب ، والتى هى موجهة للملاحق) ، كما توضح هذه المقطوعة أيضا أن السكان أنفسهم لا يتفقون على مدلول اسم الحجاز ومداه. يقول بوركهارت : «الاسم حجاز لا يستخدمه بدو الجزيرة العربية بالمدلول المعتاد لهذا الاسم ؛ البدو يقصرون دلالة الحجاز على المنطقة الجبلية التى تضم كثيرا من الوديان الخصبة الواقعة جنوبى الطائف ، والممتدة إلى مضارب سكن عرب عسير ، التى تبدأ عندها زراعة أشجار البن على نطاق واسع. هذا هو التطبيق العام ، أو إن شئت فقل : الدلالة العامة لذلك المصطلح بين بدو هذه البلاد ، وحضر مكة وجدة يستعملون هذا المصطلح فيما بينهم بهذه الدلالة نفسها. لكنهم عندما يتحدثون مع الآخرين ، الذين يحترمون أفكارهم ، يسحبون دلالة هذا المصطلح على كل من الطائف ، ومكة والمدينة المنورة ، وينبع ، وجدة. والبدو يطلقون اسم الغور أو إن شئت فقل : الأرض الخفيضة ، على المنطقة كلها الواقعة غربى الجبال من مكة إلى بدر وينبع ، فى حين نجد أن الجبال الواقعة شمالى الطائف يسميها البدو باسم حجاز الشام ، أو بالأحرى حجاز الشمال (**)».
__________________
(*) راجع كتاب كريستوفورى روميل عن أبى الفداء طبع جوتنجاى فى العام ١٨٠٢ الميلادى ، أربعة أجزاء.
(**) هذا يؤكد اشتقاق الحجاز (التى وردت عند جوليوس (Golius من كلمة (ahhtedjezet) التى معناهاHhegiaz) ، لكن آخرين يشتقون كلمة حجاز من الكلمة العربية «يحجز» ، وسبب ذلك أن الحجاز يفصل نجد عن تهامة ، أو لأن الحجاز يصل اليمن بسوريا ، وهو (الحجاز) يقع فيما بينهما. ويجب أيضا النظر إلى الملاحظة بالغة القصر التى كتبها بوركهارت على أن لها قيمتها ، وبخاصة أنها تجىء على النحو التالى : «أنا أقدر سكان المنطقة التى يطلق عليها بصورة عامة اسم الحجاز ، والتى تشمل أرض شريف مكة كلها ، وأرض المدينة المنورة ، والبلدان الواقعة فى هذه الأراضى ، وكل القبائل البدوية ، بما يصل إلى حوالى مائتين وخمسين ألف نسمة ، وأنا على يقين أن هذا الرقم أزيد وليس أقل من الرقم الصحيح ، والقسم الأكبر من هؤلاء السكان من البدو الذين يعيشون فى الجبال ، وبخاصة القبائل الكبيرة من بنى حرب».