الوصول إلى جدة
كان وصولى إلى الحجاز محفوفا ببعض الظروف غير المواتية. وعندما دخلت مدينة جدة ، فى صباح اليوم الخامس عشر من شهر يوليو من العام ١٨١٤ الميلادى ، قصدت منزل شخص سبق أن حملت إليه خطاب توصية جرى تسليمه إلىّ ، عندما رحلت عن القاهرة ، فى شهر يناير من العام ١٨١٨ الميلادى ، فى الوقت الذى لم أكن قد قررت تجديد ترحالى ليشمل الجزيرة العربية. وقد لقيت من ذلك الشخص استقبالا باردا ؛ يبدو أن الخطاب كان بتاريخ قديم ، مما جعله غير جدير بالاهتمام ، ويبدو أن مظهرى المهلهل ربما يكون قد أثار الحذر فى نفس هذا الشخص حول مسألة التزامه أمام مراسليه ، بأن يدفع لى مبلغا كبيرا من المال لحساب هؤلاء المراسلين. يزاد على ذلك أن الكبيالات وخطابات الائتمان يجرى العبث بها فى المعاملات المتبادلة بين التجار الشرقيين. من هنا فقد تلقيت من ذلك الرجل رفضا قاطعا ، مصحوبا بعرض للسكن عنده. وقد قبلت ذلك العرض لليومين الأولين فقط ، ظنا منى أن المعرفة الحميمة قد تقنع الرجل أننى لم أكن أفّاقا أو محتالا ، لكنى عندما وجدت ذلك الرجل متشددا وغير مرن انتقلت إلى خان من الخانات العامة المنتشرة فى المدينة ، وكان كل ما لدىّ من مال عبارة عن دولارين وبضع سكوينات كنت أحفظها فى محفظة كنت أحملها على ذراعى ، لم يكن أمامى متسع من الوقت لكى أندب الحال الذى كنت عليه ، وسبب ذلك أنى فى اليوم الرابع لوصولى إلى جدة أصابتنى حمى عنيفة ، وقد تصادف ذلك مع انغماسى التام فى أكل الفاكهة الطازجة التى كانت تملأ أسواق جدة فى ذلك الوقت ، هذه الحماقة التى أعتبرها ذنبا لا يغتفر ، نظرا لنظام غذائى المعتدل طوال اثنى عشر شهرا ، كما ترتبت على تلك الحماقة أيضا نتائج أكثر