شيوخهم ، وأتباعه ، يضاف إلى ذلك أن الشريف كان يلتزم التزاما صارما بقوانين الحرب السارية فى الصحراء. كان برفقة الشريف غالب حوالى ستة آلاف بدوى أو ثمانية آلاف ، انضموا إليه ، كما لو كانوا ينضمون إلى شيخ آخر ، ووقفوا إلى جانبه فى حملاته الأخيرة التى جردها على الوهابيين ، ولم ينتظر هؤلاء البدو من الشريف أجرا على الخدمات التى قدموها له ، سوى أتباعهم لشيوخهم الذين اشترى الشريف غالب ولاءهم واهتمامهم عن طريق تقديم الهدايا.
تشكل حكومة مكة من هؤلاء الذين ليست لهم دراية بسياسة الصحراء ، مجموعة من الأشياء الفريدة ، لكن الأمور يسهل شرحها والوقوف عليها إذا أخذنا بعين اعتبارنا أن الشريف غالب ليس سوى شيخ بدوى ، سمحت له الثروة والسلطة أن يكون له صولجان عرفى ، هذا الشريف هو حاكم عثمانى فى ظاهره ، لكنه ملتزم التزاما تاما بعاداته وتقاليده القديمة. فى الماضى كان عمداء عائلات الأشراف فى مكة ، يمارسون السلطة والنفوذ الذى كان الآباء يمارسونه فى المخيمات البدوية ، ولكن سلطة الشيخ الكبير هى التى أصبح لها الغلبة فى النهاية ، الأمر الذى اضطر الآخرين إلى الخضوع لهذه السلطة ، لكنهم ظلوا ، فى كثير من الأحوال ، يحتفظون بحقوق آبائهم. كانت الأطراف المتصارعة تنظر إلى المكيين من غير البدو ، على أنهم مستوطنون خاضعون لسيطرتهم وهيمنتهم ، تماما مثل القبائل البدوية التى تحارب من أجل القرى التى تدفع لها إتاوة ، والتى تنظر إلى سكان هذه القرى باعتبارهم من منزلة أدنى من منزلة هذه القبائل البدوية. ومع ذلك لم يكتب للمكيين أن يعاملوا معاملة بلدان مقاطعات شمالى تركيا ، كان المكيون يشاركون فى الصراعات التى كانت تجرى بين الأشراف ، كما كانوا يشاركون أيضا فى النفوذ والسلطة التى كانت تتحقق لرعاياهم. عندما أصبح لكل من غالب وسرور سلطة واسعة وغير محدودة ، وذلك على العكس ممن جاءوا قبلهم ، راح بقية الأشراف يتوحدون بصورة أوثق مع المكيين ، وظلوا إلى وقت قريب يشكلون هيئة محترمة تتسم بالطابع الحربى ، وهذا هو ما وقفنا عليه فى المشاجرات والمنازعات المستمرة التى دارت بين الأشراف ، ووقفنا على ذلك أيضا فى مقاومة هذه الهيئة