«خان» الذى هو من بين الألقاب التى يمنحها الباب العالى. كلمة «خان» واحدة من كلمات التتار القديمة ، هذه الكلمة تعنى فى العربية «الخيانة» ، أو بالأحرى هى الفعل الماضى للفعل المضارع «يخون» ، وهم يدعون أن أحد أسلاف السلطان بعد أن خان ابقا لجأ إليه ، أطلق عليه نعت هو «السلطان خان» وأن هذا اللقب احتفظ به من جاءوا بعده لجهلهم باللغة العربية.
وإذا ما تدهورت قوة الأتراك فى الحجاز ، وسوف يحدث ذلك عندما لا يجرى توجيه موارد مصر إلى تلك النقطة بواسطة محمد على الذى يمتلك مصر بلا منازع ، فإن العرب سيثأرون لأنفسهم من الخضوع الذى يعيشون فيه ، وسوف ينتهى الحكم العثمانى فى الحجاز بكثير من المشاهد الدموية.
الطريق من جدة إلى الطائف (*)
فى اليوم الرابع والعشرين من شهر أغسطس من العام ١٨١٤ الميلادى ، (المصادف للحادى عشر من شهر رمضان من العام ١٢٣٠ الهجرى) بدأت تحركى من جدة فى ساعة متأخرة من مساء ذلك اليوم ، وبصحبتى مرشد وعشرين جمالا من قبيلة حرب ، كانوا يحملون النقود من جدة قاصدين خزانة الباشا فى مكة. بعد أن تركنا حدود مدينة جدة التى يمر الطريق عندها ببعض التلال الرملية ، والتى توجد بينها مقبرة السكان ، سرنا خلال سهل رملى شديد الجدب ، يرتفع ارتفاعا متدرجا فى اتجاه الشرق ، هذا الطريق خال من الشجر ومشبع تماما بالملح على بعد حوالى ميلين من المدينة. وبعد مسير دام ثلاث ساعات دخلنا منطقة عامرة بالتلال فيها مقهى على شكل كوخ بالقرب من بئر يدعونها رغام. واصلنا مسيرنا فى واد رملى واسع عامر بالرمال
__________________
(*) لم أستطع أن آخذ معى متعلقاتى فى هذه الرحلة ، والسبب فى ذلك أن البوصلة الوحيدة التى كانت معى والتى خدمتنى طوال رحلتى فى النوبة أصبحت عديمة النفع ، ولم تتهيأ لى فرصة استبدال بوصلة أخرى إلا فى شهر ديسمبر من هذا العام ، عندما حصلت على بوصلة أخرى بها من سفن بومباى التى وصلت إلى جدة.