فى كل مكان من أماكن الدعاء ، يجلس الناس وقد فرشوا المناديل لتلقى عطايا الزائرين ، التى هى فى حكم الصدقات وليست فى حكم ضريبة من الضرائب ، والزائر يجد صعوبة بالغة فى مغادرة المكان دون أن يدفع هذه الصدقة. وأمام شباك ستنا فاطمة تجلس مجموعة من النساء يتلقين فى مناديلهن عطايا وصدقات من هذا القبيل. يقف الطواشية فى الروضة ، أو إن شئت فقل سدنة المسجد النبوى ، ينتظرون انتهاء الزائر من طقوس الزيارة ، والانتهاء من صلاة الوداع (التحية) ، ويروحون يتمنون له السعادة بعد أن انتهى من الزيارة ، لكى يأخذوا نصيبهم من الصدقات ، يزاد على ذلك أن باب السلام يزدحم بالفقراء ، الذين يحاصرون الزائر ، عند ما يغادر المسجد ، هذا هو البواب ينتظر نصيبه ، معتقدا أن ذلك حق من حقوقه. وقد كلفتنى هذه الزيارة حوالى خمسة عشر قرشا ، وأعطيت دليلى عشرة قروش ، لكن كان بوسعى أداء هذه الزيارة بنصف هذا المبلغ فقط.
هذه الطقوس يمكن تكرارها مرات ومرات حسب رغبة الزائرين ، لكن قلة قليلة من الزائرين هى التى تقبل على ذلك ، باستثناء الوصول إلى المدينة (المنورة) ، وعند ما تنعقد النية على مغادرة المدينة. ومع ذلك ، فقد جرت العادة أن يقوم الزائر بهذه الزيارة مرة واحدة كل يوم ، أو أن تكون هذه الزيارة إلى «شباك النبى» فى أضعف الأحوال ، والدعاء هناك بدعاء خاص وقصير. هناك أيضا قاعدة تقضى بعدم الجلوس فى المسجد ، لأداء صلاة من الصلوات اليومية المعتادة ، دون الدعاء للنبى صلىاللهعليهوسلم ، واليدين مرفوعتين أمام الوجه ولأعلى ، على أن يكون الوجه فى اتجاه القبر. هناك إجراءات عدة مماثلة أخرى تجرى مراعاتها فى كثير من مساجد الشرق ، التى تحتوى على مقابر أو أضرحة لبعض الأولياء. يؤكد علماء الدين الإسلامى أن الدعاء فى المدينة المنورة (فى مسجد النبى) يكون مقبولا عند الله ، ولذلك يدعو هؤلاء العلماء المسلمين والمؤمنين إلى زيارة المسجد ، قائلين : إن دعوة واحدة أمام الحجرة تساوى ألف دعوة فى أى مسجد آخر ، ما عدا الحرم المكى.