سبق أن قلت : إن الجانبين الشمالى والشرقى ، وجزء من الجانب الغربى من المسجد جيدة البناء مثل الجانب الجنوبى تماما ، حيث توجد الحجرة والروضة. الأعمدة التى فى هذه الأجزاء أرفع من الأعمدة الأخرى ، وليست جيدة الدهان مثل بقية الأعمدة ، يزاد على ذلك أن الأرضية خشنة ، كما أن الجدران المدهونة بالجبس لا تحمل أى نوع من النقوش الزينية ، اللهم باستثناء الجانب الشرقى ، حيث الصور المأخوذة عن مسجد السيدة صفية ، والرسوم المأخوذة عن مسجد السلطان أحمد ، ومسجد بايا زيد ، كل هذه الرسوم والزينات تسترعى الانتباه ؛ هذه الرسوم مرسومة بالألوان المائية ، على الجدار الأبيض ، دون أدنى اهتمام بالمنظور. كان الجانب الشمالى بكامله فى ذلك الوقت تجرى له أعمال الصيانة ، وجرى نزع الأرضية القديمة لاستبدالها بأرضية أفضل.
يزاد على ذلك أن الحوش المفتوح المسوّر الواقع بين أبهاء الأعمدة ، غير ممهد ومغطى بالرمل والزلط. وفى وسط هذا الحوش أو الفناء ، يوجد مبنى صغير ، له سقف على شكل قبة ، يجرى فيها الاحتفاظ بمصابيح المسجد ، وبالقرب من هذه القبة يوجد مسوّر صغير من القضبان الخشبية المنخفضة ، وبداخله بعض النخيل ، الذى يعده المسلمون نخيلا مقدسا ، نظرا لأن الناس يقولون : إن هذا النخيل جرى زرعه بواسطة ستنا فاطمة ، كما أن هناك نخلة أخرى لم يتبق منها إلى يومنا هذا سوى الجذع ، وأنا أرى أن هذه شجرة من أشجار اللوتس. بجوار هذه النخلة توجد بئر ، يسميها الناس بئر النبى ، وماء هذه البئر مالح ، وربما كان ذلك السبب وراء عدم ذيوع صيت هذه البئر كشىء مشرف. يقول السمهودى إن هذه البئر يسميها الناس الشامة.
فى المساء تضاء المصابيح فى سائر أنحاء أبهاء الأعمدة ، وفى الناحية الجنوبية بصفة خاصة ، حيث تكثر أعداد المصابيح فى هذا الجانب عنها فى الأجناب الأخرى ؛ هذه المصابيح تتدلى من قضبان حديدية ، تمتد من عمود إلى آخر. والطواشية هم وخدم المسجد يجرى استخدامهم فى إشعال هذه المصابيح ، ونظير هدية أو عطية