الضريح فى عام ٦٧٨ ه ، وقام ملوك عدة من ملوك مصر بتحسين المبنى وتوسعته ، إلى أن دمر المسجد مرة ثانية فى عام ٦٨٦ ه ، عند ما احترق بفعل النيران الناجمة عن البرق ، وجاء التدمير كاملا فى هذه المرة ؛ فقد دمّرت الجدران كلها ، كما دمرت أيضا بعض جدران الحجرة ، كما دمّر السقف أيضا ، وسقط حوالى مائة وعشرين عمودا ، لكن النار لم تقرب القبر الموجود داخل الحجرة. وقام قايتباى ، ملك مصر فى ذلك الحين ، والذى تدين له المدينة المنورة ، والحجاز ببعض الأشغال العامة ، بإعادة بناء المسجد بكامله بالشكل الذى هو عليه الآن فى عام ٨٩٢ ه. وقد أرسل قايتباى من مصر ثلاثمائة عامل لهذا الغرض ، وجرى إخلاء الغرفة من الأنقاض ، وعثر الرجال على ثلاثة قبور داخل الغرفة ، مليئة بالزبالة والنفاية ، ولكن مؤلف هذا التاريخ ، الذى دخل الغرفة بنفسه ، لم ير أى أثر للقبور ، وجرى تحديد الموقع الأصلى لقبر محمد صلىاللهعليهوسلم بصعوبة بالغة ، وأعيد بناء جدران الغرفة ، وأحيطت بالقضبان الحديدية ، أو السّور الحديدى الموجود حاليا ، وجرى توزيع البوابات لتكون على النحو التى هى عليه حاليا ، وجرى إرسال منبر جديد من القاهرة للمسجد النبوى على سبيل الهدية ، وأعيد المسجد من جديد إلى الشكل الذى هو عليه حاليا. واعتبارا من ذلك التاريخ راحت قلة قليلة من السلاطين العثمانيين يدخلون بعض التحسينات الطفيفة على ذلك المسجد».
البساتين والمزارع
سبق أن قلنا : إن البساتين والمزارع تحيط بالمدينة المنورة من ثلاث جهات بكل ضواحيها ، وقلنا أيضا : إن المدينة المنورة ، من ناحية الشرق ومن ناحية الجنوب تمتد إلى مسافة ستة أميال أو ثمانية ، وهذه البساتين والمزارع ، فى معظمها ، عبارة عن بيارات نخيل وحقول لزراعة القمح والشعير ، ومزارع القمح والشعير عادة ما تكون محاطة بأسوار من الطوب اللبن ، وتحتوى أيضا على منازل صغيرة يقيم فيها الزراع. ومنازل هؤلاء الزراع التى تجاور المدينة مباشرة ، جيدة البناء ، وعادة ما يكون لها