السلاطين ، وإنما الذى يختاره هم أهله وناسه ، ولم يعد هناك وجود للجنود الأتراك ، وإنما كان هناك خلف أولئك السلف الذين سبق أن جاءوا إلى المدينة المنورة ، والذين تزوجوا من المواطنات من أهل البلد ، وأصبح الأغا هو سيد المدينة الفعلى ، وجرى نشر جماعة الأغا على العائلات الأولى فقط ، ولم يكن لدى الأغا أية جنود أخرى غير حراس المدينة نفسها ، وكان يجرى اختيار الأغا عن طريق الضباط فى حامية المدينة المنورة ، الذين احتفظ خلفهم بمناصبهم ، بحكم إقامتهم فى المدينة المنورة منذ زمن بعيد ، على الرغم من أن السواد الأعظم منهم كانوا قد هجروا الخدمة العسكرية. هذه القبيلة من الجنود ، التى يطلق الناس عليها اسم المرابطين ، جرى توسيعها وزيادة عددها لتقوية جماعة الأغا ، الأمر الذى أدى إلى تمديد امتياز هذه الجماعة ليشمل عددا كبيرا آخر من سكان المدينة من ناحية ، ويشمل أيضا الأجانب المقيمين فى المدينة من ناحية ثانية. وأصبح من حق أفراد جماعة الأغا المشاركة فى الرواتب السنوية التى كانت تحدد من قبل السلطان ، لدفع رواتب الحامية ، التى كانت تصل من إسطنبول بصورة منتظمة ، كما اغتصبت تلك الجماعة لنفسها أيضا نصيبا من الصرّة ، أو إن شئت فقل الحوافز المالية التى كانت ترسل للمسجد النبوى من ناحية والمدينة ككل من الناحية الأخرى.
تحول أغا الحرم ، والقاضى الذى كان يرسل عادة من إسطنبول إلى المدينة المنورة للإشراف على سير العدالة ، تحولا فى ظل الظروف السابقة ، إلى مجرد حكم شكلى ليس إلا. كان الأغا من الطواشية الذين لا يعرفون شيئا عن اللغة العربية ، وقد حصل على وظيفة الأغا هذه من قبيل نفيه عن البلاد وليس مكافأة له على كفايته. بسبب تواضع الدخل الذى كان يحصل عليه ذلك الأغا من إسطنبول ، فإنه لم يستطع بفضله الاحتفاظ بحرس عسكرى مساو لحرس غريمه أو منافسه أغا المدينة المنورة ، وسرعان ما وجد نفسه وحده مكلفا بحراسة المسجد النبوى ، وتولّى قيادة الطواشية والفراشين. ومع ذلك ، لم يكن أغا المدينة المنورة صاحب سلطة أو سيادة كاملة على الحرم ؛ كان العديد من رؤساء الأحياء أصحاب سلطة واسعة ، كان للأشراف المقيمين فى المدينة المنورة شيخهم (رئيسهم) الخاص بهم ، وكان يدعى الشيخ السادات ،