مناخ المدينة المنورة وأمراضها
اكتشفت أن مناخ المدينة المنورة ، خلال شهور الشتاء ، يكون أبرد من نظيره فى مكة المكرمة. الناس هنا لا يعرفون الجليد أو الثلوج ، على الرغم من أن البعض قالوا لى إنهم يتذكرون أنهم شاهدوا الثلج والجليد فى الجبال المجاورة لهم ، والأمطار ليس لها فترات محددة من فصل الشتاء ، لكنها تسقط على فترات ، وتكون الأمطار على شكل عواصف عاتية ، قد تستمر يوما واحدا ، أو يومين على أكثر تقدير ، وقد يمر فصل الشتاء كله دون أن يسقط المطر سوى مرة واحدة ، فقط ، الأمر الذى يترتب عليه حدوث جفاف شديد. يقول أهل المدينة المنورة إن ثلاث زخات أو أربع من المطر أمر ضرورى لرى التربة ، يزاد على ذلك ، أن مياه السيول تغرق أجزاء كثيرة من البلاد وبخاصة أراضى الرعى أو المراعى إن صح التعبير ، التابعة للبدو. يضاف إلى ذلك أن الأمطار المستمرة التى تدوم طوال أسبوع كامل ، أو أطول من ذلك ، كما هو الحال فى سوريا ، هذه الأمطار لا تعرفها المدينة المنورة ؛ بعد كل زخة من زخات المطر ، التى تستمر مدة أربع وعشرين ساعة ، تصفو السماء ، وبذلك يسود طقس ربيعى جميل يستمر أسابيع عدة. آخر العواصف التى تصيب المدينة المنورة فى شهر إبريل ، ومع ذلك فإن نوبات الوابل التى تسقط بين الحين والآخر ، تعد أمورا متكررة الحدوث فى منتصف فصل الصيف.
أهل المدينة المنورة ، هم وكثير من الأجانب ، يؤكدون أن حرارة الصيف فى المدينة المنورة أشد منها فى أى مكان آخر من أماكن الحجاز ، وأنا لم أستطع التأكد من ذلك. سبق أن قلت إن الطابع الملحى لكل من التربة والماء ، وكذلك برك المياه الراكدة حول المدينة ، وكذلك الأبخرة الناتجة عن بيارات النخيل فى ضواحى المدينة المنورة ، كل ذلك يجعل هواء المدينة المنورة غير مناسب للصحة إلى حد ما.
الحمى بأشكالها المختلفة هى الأكثر شيوعا هنا ، الأمر الذى يجعل السواد الأعظم من أهل المدينة معرضين للإصابة بها ، ولا مفر من إصابة الأغراب بها إذا ما أقاموا فى المدينة المنورة فترة طويلة ، وبخاصة فى فصل الربيع. وقد أكد لى يحيى أفندى ، طبيب طوسون باشا ، عند ما كنت مريضا ، أنه يعالج ثمانين شخصا