أو عشرين ألف نسمة ؛ نسبة الوفيات هذه لا يمكن تعويضها عن طريق المواليد ، ولا بد أنها تسببت منذ زمن بعيد فى خلخلة عدد سكان المدينة المنورة ، اللهم إلا إذا كان وصول الأجانب يعوض هذا الخلل بصورة مستمرة. من بين هذا العدد من السكان ، أرى أن حوالى عشرة آلاف أو اثنى عشر ألفا هم من سكان المدينة الأصليين ، أما الباقون فهم من الضواحى.
الرحلة من المدينة المنورة إلى ينبع
فى اليوم الحادى والعشرين من شهر إبريل من عام ١٨١٥ م. تجمعت قافلتنا الصغيرة عصر ذلك اليوم ، بالقرب من البوابة الخارجية للمدينة ، وعند الساعة الخامسة مساء مررنا من خلال البوابة التى سبق أن دخلت منها ، عند ما وصلت المدينة المنورة قبل ثلاثة أشهر ، فى ذلك الوقت كنت بصحة جيدة وروح معنوية عالية ، وكنت غارقا فى الآمال المعلقة على استكشاف أجزاء مجهولة ومهمة من الصحراء أثناء عودتى إلى مصر ، لكنى منهك بسبب المرض ، ومكتئب ، ولا أرغب فى أى شىء سوى الوصول إلى مكان عامر بالود ومفيد للصحة ، يمكن لى فيه استرداد صحتى وعافيتى. الأرض المفضية إلى المدينة على هذا الجانب أرض صخرية ، وهذه المنطقة تبعد عن المدينة مسير ثلاثة أرباع الساعة ، والطريق فيه منزل منحدر قصير ، تحفه الصخور من الجانبين ، وممهد لتسهيل مرور القوافل. كنا نسير فى اتجاه الجنوب الغربى ثم التحول جنوبا بعد ذلك. وفى خلال ساعة من الزمن وصلنا مجرى سيل يسمونه وادى العقيق ، الذى استقبل خلال الأمطار التى سقطت مؤخرا كمية كبيرة من المياه التى وصلت إليه من الجبال المجاورة ، الأمر الذى حول ذلك الوادى إلى ما يشبه نهرا واسعا عميقا ، عجزت إبلنا عن محاولة عبوره أو تجاوزه. ونظرا لأن الجو كان صحوا ، فقد توقعنا تناقص مياه ذلك الوادى تناقصا كبيرا فى اليوم التالى ، ولذلك خيمنا على ضفة ذلك النهر فى مكان يسمونه المدرّجة. فى المدرّجة هذه ، توجد قرية صغيرة مهدّمة ، كانت مبانيها مبنية بناء جيدا باستعمال الأحجار ، وكان لهذه القرية بركة صغيرة ،