التى تكثر فى منطقة الساحل. ولا يخرج أحد من أهل ينبع إلا وفى يده مروحة من القش لكى يهش بها ذلك الذباب ، ويستحيل أن يتناول الناس طعامهم دون ابتلاع شىء من ذلك الذباب مع الطعام ، وبخاصة أن ذلك الذباب يدخل الفم عند ما يفتحه صاحبه لتناول الطعام. الناس يشاهدون جحافل الذباب وهى تمر فوق المدينة ؛ هذه الجحافل الذبابية تحط حتى على السفن التى تبحر خارجة من الميناء ، وتبقى على ظهر السفينة طوال الرحلة.
الرحلة من ينبع إلى القاهرة
أبحرت من ميناء ينبع فى صباح اليوم الخامس عشر من شهر مايو ، فى سمبوك ، أو إن شئت فقل : قارب كبير مفتوح متجه إلى ميناء القصير ، ليجرى تحميله بالقمح من هناك ؛ كان ريس السمبوك واحدا من أبناء مالك السمبوك ، وهو من مواطنى مدينة ينبع. كنت قد اتفقت معه على نقلى أنا وعبدى من ينبع إلى القصير نظير مبلغ خمس دولارات ، فى الوقت الذى كان الحاج الواحد يدفع أجرا مقداره دولارين فقط ، فى حين كان يدفع الفقير والخادم دولارا واحدا. كانت الحكومة تعطى أصحاب السفن نصف دولار فقط عن نقل الجندى الواحد. ولما كان آمر ينبع له نصيب فى ذلك السمبوك ، فقد سمح له بالإبحار دون أن يحمل معه بعضا من الجنود ، وكان الريس قد أبلغنى أن هناك حوالى عشرة مسافرين من العرب على ظهر السمبوك ، وعند ما اضطرنى الريس إلى دفع دولارين زيادة على الأجر المعتاد ، فقد سمح لى بمكان صغير أحتفظ به لنفسى خلف الدّفة. وعند ما ركبت على ظهر السمبوك اكتشفت أن الريس خدعنى ؛ فقد كان هناك ما يزيد على ثلاثين مسافرا معظمهم من السوريين والمصريين ، كانوا جميعهم متزاحمين على ظهر القارب ، ولم يدفعوا جميعا سوى ما يقرب من عشرة دولارات. وكان الريس ، هو وأخوه الأصغر منه ، والقبطان والخادم ، كل أولئك كانوا يجلسون فى المكان الذى سبق أن وعدنى به الريس ووافقت عليه. مسألة العودة إلى ينبع ، موطن الموت ، لم تكن أمرا محمودا ، وبعد أن وجدت عدم