على تلك الجمرة سبع حصوات متتالية ؛ ثم انتقل الحجاج بعد ذلك إلى المكانين أو الموقعين الثانى والثالث اللذين يطلقون عليهما اسم ( «الجمرة الأوسط والجمرة السفلى» أو قد يقولون لهما «جمرة العقبة أو الأقصى» ). وقد كرر الحجاج الرمى نفسه على هاتين العقبتين. والحجاج عند رمى الجمار يقولون : «بسم الله ، الله أكبر ، (بمعنى أننا نفعل ذلك درءا للشيطان وجنوده)». والجمار المستخدمة فى هذا الرمى تكون الواحدة منها فى حجم حبة الفول أو ما يقرب منها ؛ وينصح الحجاج بجمع هذه الحجارة من مزدلفة ، لكن بوسعهم أيضا التقاط هذه الجمار من منى أيضا ، كما أن أناسا كثيرين يقال إنهم يخالفون الشرع عند ما يجمعون الحصى نفسه الذى سبق استعماله من قبل.
بعد الانتهاء من رمى الجمار ، يقوم الحجاج بذبح الأضحيات التى يحضرونها معهم ، يضاف إلى ذلك أن المسلمين جميعهم حيثما كانوا فى العالم ، يتعين عليهم ذبح الأضحيات فى ذلك الموعد. كانت هذه المناسبة تحتوى على ما يتردد بين ستة آلاف رأس وثمانية آلاف رأس من الغنم والماعز ، أحضرها البدو (الذين كانوا يطلبون أثمانا مرتفعة لها). مسألة الأضحية نفسها لا تنطوى على أية طقوس غير توجيه رأس الأضحية ، عند ذبحها ، ناحية القبلة أو الكعبة ، وأن يردد من يقوم بالذبح العبارة التى تقول : «بسم الله الرحمن الرحيم ، الله أكبر!» ويمكن ذبح هذه الأضحية فى أى مكان من وادى منى ؛ لكن المكان المفضل هو تلك الصخرة الناعمة الموجودة فى الطرف الغربى من وادى منى ، التى جرى فيها ذبح آلاف عدة من الأضحيات خلال ربع ساعة (*).
بعد الذبح ، يرسل الحجاج فى طلب الحلاقين ، أو قد يذهبون إلى محلاتهم ، التى جرى إنشاؤها بالقرب من مكان الذبح ، ويصل عدد محلات الحلاقة فى هذا المكان إلى حوالى ثلاثين محلا أو أربعين. ويحلق الحجاج رءوسهم ، ما عدا أتباع المذهب الشافعى ،
__________________
(*) يروى قطب الدين أن الخليفة المقتدر عند ما أدى الحج فى العام ٣٥٠ الهجرى ، ضحى فى ذلك اليوم بأربعين ألف جمل وبقرة ، وخمسين ألف رأس من الغنم. وإلى يومنا هذا لا يزال الأثرياء من الناس يضحون بالإبل. والشرع يبيح الذبح بالوكالة.