علينا الانتظار لحين طلوع النهار ، وبذلك تنفتح البوابة. ونظرا لعجزى عن شب نار على الأرض فى حطب مبتل ، ونظرا أيضا لأننا جميعا كنا منقوعين فى ماء المطر ؛ فقد تسبب صقيع النهار فى زيادة آلامنا ومتاعبنا ، وربما كان ذلك هو السبب الرئيسى وراء إصابتى بالحمى التى ألمت بى فى هذا البلد ، والمعروف أنى كنت أتمتع بصحة جيدة طوال الرحلة.
دخلنا المدينة (المنورة) عند شروق الشمس فى اليوم الثامن والعشرين من شهر يناير ، أى بعد ثلاثة عشر يوما من مغادرة مكة ، توقفنا منها يومين على الطريق. معروف أن قافلة الحج تقطع هذه الرحلة فى أحد عشر يوما ، وإذا ما كانت متعجلة فإنها تقطعها فى عشرة أيام.
البدو يطلقون على المنطقة الواقعة بين مكة (المكرمة) والمدينة (المنورة) ، فى الناحية الغربية من الجبال ، اسم الجحفه ، الذى يعنى فى بعض الأحيان المنطقة الممتدة من مكة إلى بدر فقط.
المدينة (المنورة)
توقفت القافلة فى فناء كبير فى الضاحية التى يجرى فيها تنزيل الأحمال عن الإبل ، وفى الحال تفرق المسافرون مع هذه القافلة بحثا عن مساكن يقيمون فيها. وبعون من المزوّر ، الذين هم طائفة من الرجال المحترفين ، شأنهم شأن الأدلاء فى مكة ، عثرت بعد شىء من التعب ، على سكن طيب فى شارع السوق الرئيسى فى المدينة ، وكان ذلك السكن يبعد حوالى خمسين ياردة عن المسجد النبوى. نقلت متعلقاتى إلى ذلك السكن ، الذى زارنى فيه المزوّر ، لكى يطلب منى زيارة الحرم النبوى وقبر محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهنا فى المدينة المنورة ، كما فى مكة المكرمة يتعين على المسافر الذى يصل إلى المدينة المنورة القيام بهذه الزيارة ، قبل القيام بأى عمل من الأعمال.
المناسك هنا فى المدينة (المنورة) أسهل وأقصر منها فى مكة ، كما سيتضح لنا حالا. خلال ربع ساعة فقط تمكنت من القيام بكل هذه المناسك ، وبعدها أصبحت حرا