بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة همع الهوامع للمؤلف
يقول عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي لطف الله تعالى به :
سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، وأصلي وأسلم على محمد أفضل من خصصته بروح قدسك.
وبعد فإن لنا تأليفا في العربية جمع أدناها وأقصاها ، وكتابا لم يغادر من مسائلها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، ومجموعا تشهد لفضله أرباب الفضائل ، وجموعا قصرت عنه جموع الأواخر والأوائل ، حشدت فيه ما يقر الأعين ويشنف المسامع ، وأوردته مناهل كتب فاض عليها همع الهوامع ، وجمعته من نحو مائة مصنف فلا غرو أن لقبته «جمع الجوامع» ، وقد كنت أريد أن أضع عليه شرحا واسعا كثير النقول طويل الذيول جامعا للشواهد والتعاليل ، معتنيا بالانتقاد للأدلة والأقاويل ، منبها على الضوابط والقواعد والتقاسيم والمقاصد ، فرأيت الزمان أضيق من ذلك ، ورغبة أهله قليلة فيما هنالك ، مع إلحاح الطلاب علي في شرح يرشدهم إلى مقاصده ويطلعهم على غرائبه وشوارده ، فتخيرت لهم هذه العجالة الكافلة بحل مبانيه وتوضيح معانيه وتفكيك نظامه وتعليل أحكامه ، مسماة بهمع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، والله أسأل أن يبلغ به المنافع ، ويجعلنا ممن يسابق إلى الخيرات ويسارع بمنه وكرمه.