نحو : من وما ، وحكي هذا عن الفراء أيضا ، ووجهه بأنه إذا لزم الصدر كثر فيه الرفع وقل كونه مفعولا به ، فأجري على الأكثر من أحواله ، بخلاف ما يتقدم ويتأخر.
وقيل : يجوز الحذف في كل وما أشبهها في اقتضاء العموم ، حكي عن الفراء أيضا نحو : رجل يدعو إلى خير أجيب ، وآمر بخير أطيع.
وقيل : يجوز حذف المنصوب بفعل جامد كالتعجب نحو : أبوك ما أحسن ، أي : أحسنه ، وعليه الكسائي.
وقيل : يجوز حذف المنصوب بالوصف نحو : الدرهم أنا معطيك.
وقيل : يجوز حذف المجرور إذا كان أصله النصب بأن كان المضاف اسم فاعل نحو : زيد أنا ضارب ، أي : ضاربه ، بخلاف غيره ، والمختار من هذا كله الجواز بشرطين : أحدهما وجود دليل يدل على المحذوف ، الثاني ألا يؤدي إلى رجحان عمل آخر ، بأن يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه كما تقدم في الرغيف أكلت منه ، وكأيهم ضربت ، فإنه يؤدي إلى تسليط أكلت وضربت على نصب الاسم المقدم ، فمتى فقد أحد الشرطين لم يجز الحذف ، وسواء في حالتي الجواز والمنع المرفوع والمنصوب والمجرور.
وقال بعضهم : لا يجوز الحذف إلا بخمسة شروط : ألا يكون فاعلا ، ولا نائبا عنه ، ولا مؤديا إلى لبس نحو : زيد ضربته في داره ، ولا إلى إخلال نحو : زيد قام غلامه ؛ لأن حذفه يخل بالتعريف الذي استفاده الغلام منه ، ولا إلى التهيئة والقطع وهذه الخمسة ترجع إلى الشرطين اللذين اخترناهما.
(ص) ويغني عنه إشارة ، وخصه ابن الحاج بالبعيد والمبتدأ موصول أو موصوف وتكراره بلفظه ، وضعفه سيبويه ، وثالثها يختص بالضرورة ، ورابعها بالتهويل ، وعموم المبتدأ ، وتوقف ابن هشام ، وعطف جملة فيها ضميره بالفاء ، قال هشام : والواو ، والمختار وفاقا للزجاج جواز نحو : زيد يقوم عمرو إن قام ، وإن لم يعطف ، لا تكراره بمعناه ، ووجود ضمير عائد إليه بدلا من بعض الجملة ، خلافا للأخفش فيهما.
(ش) الأصل في الرابط الضمير ولهذا يربط به مذكورا ومحذوفا ، ويغني عنه أشياء : أحدها : الإشارة نحو : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف : ٢٦] ، (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) [الأعراف : ٣٦] ، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) [الإسراء : ٣٦] ، وخصه ابن الحاج بكون المبتدأ موصولا أو