التكثير ، وأقل أحوال التكثير والتكرير أن يكون واقعا على جملة ، قال : ولا حجة له في ذلك ، وأما قولهم لقليل الفائدة : ليس بكلام فمن باب المجاز والمبالغة كقولك للبليد : ليس بإنسان ، وأما قول سيبويه فلا تقوم به حجة ؛ لأن الخصم قال : نعم يمكن أن يقال : إن المتقدمين من أهل النحو تواضعوا في عرفهم على أن سموا الجملة المفيدة كلاما دون ما لم يفد ؛ لأن ذلك على سبيل التحقيق ، كما أنهم سموا هذه الحوادث الواقعة ك : ضرب أفعالا ، ولو عدلنا إلى التحقيق كانت أسماء لما وقع من الحوادث اه.
وقال ابن جني في «الخصائص» : فإن قيل : لم وضع الكلام على ما كان مستقلا بنفسه وعلى الجملة التامة دون غيرها ، الاشتقاق قضى بذلك أم مجرد السماع؟ قيل : لا ، بل الاشتقاق قضى به دون مجرد السماع ؛ لأن الكلام مأخوذ من الكلم وهو الجرح والتأثير ، وإنما يحصل التأثير بالتام المفهوم دون غيره ، قال : ومما يؤنسك بذلك أن العرب لما أرادت الآحاد من ذلك خصته باسم له لا يقع إلا على الواحد وهو قولهم كلمة ، ثم قال في آخر كلامه :
١٤ ـ .... |
|
ولكلّ قوم سنّة وإمامها |
(ص) ولا يمكن في كلمة خلافا لابن طلحة ، ولا اسم وحرف خلافا للفارسي ، ولا فعل وحرف خلافا لشذوذ ، بل في اسمين ، واسم وفعل.
(ش) الضمير عائد إلى الكلام أو إلى الإفادة ، والحاصل أن الكلام لا يتأتى إلا من اسمين ، أو من اسم وفعل ، فلا يتأتى من فعلين ، ولا حرفين ، ولا اسم وحرف ، ولا فعل وحرف ، ولا كلمة واحدة ؛ لأن الإفادة إنما تحصل بالإسناد ، وهو لا بد له من طرفين مسند ومسند إليه ، والاسم بحسب الوضع يصلح أن يكون مسندا ومسندا إليه ، والفعل لكونه مسندا لا مسندا إليه ، والحرف لا يصلح لأحدهما فالاسمان يكونان كلاما ؛ لكون أحدهما مسندا والآخر مسندا إليه ، وكذلك الاسم مع الفعل لكون الفعل مسندا والاسم مسندا إليه ، والفعلان ، والفعل والحرف لا مسند إليه فيهما ، والاسم مع الحرف إما أن يفقد منه المسند أو المسند إليه ، والحرفان لا مسند إليه فيهما ولا مسند ، والكلمة لا إسناد فيها بالكلية.
__________________
١٤ ـ البيت من البحر الكامل ، وهو للبيد في ديوانه ص ١٠٦ ، ولسان العرب ١٢ / ٢٦ (أمم) ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٤٥٩ (أمم) ، وبلات نسبة في الخصائص ١ / ٣٢.