الخامس : فعال علم المؤنث كحذام وقطام ورقاش وغلاب وسجاح أعلام لنسوة ، وسكاب لفرس ، وعرار لبقرة ، وظفار لبلدة عند بني تميم ، فإنهم يعربونه ممنوع الصرف للعلمية والعدل عن فاعلة ، هذا مذهب سيبويه ، وذهب المبرد إلى أن المانع له العلمية والتأنيث كزينب وأمثاله ، فلا يكون معدولا.
قال أبو حيان : والظاهر الأول ؛ لأن حذام ونحوها على رأي المبرد تكون مرتجلة لا أصل لها في النكرات ، والغالب على الأعلام أن تكون منقولة ، وهي التي لها أصل في النكرات عدلت عنه بعد أن صيرت أعلاما ، وعلى الأول لو نكر صرف ولو سمي به مذكر جاز فيه الوجهان المنع إبقاء على ما كان لبقاء لفظ العدل ، والصرف لزوال معناه وزوال التأنيث بزواله ؛ لأنه إنما كان مؤنثا لإرادة ما عدل عنه وهو راقشة.
أما الحجازيون فإن باب حذام عندهم مبني على الكسر إجراء له مجرى فعال الواقع موقع الأمر كنزال ؛ لشبهه به في الوزن والعدل والتعريف ، وقيل : لتضمنه معنى الحرف وهو علامة التأنيث في المعدول عنه ، وقال المبرد : لتوالي علل منع الصرف عليه وهي التعريف والتأنيث والعدل كما تقدم في البناء ، وأكثر بني تميم يوافقون الحجازيين فيما آخره راء كسفار اسم لماء ، وحضار اسم كوكب ، فيبنونه على الكسر للشبه السابق ، وإنما خصوه بما آخره راء ؛ لأن من مذهبهم الإمالة ، وإنما يتوصلون إليها بكسر الراء ولو رفعوا أو فتحوا لم يصلوا إليها ، وبعضهم يعربه أيضا على أصله في حذام ، قال الأعشى فجمع بين اللغتين :
٣٣ ـ ومرّ دهر على وبار |
|
فهلكت جهرة وبار |
فبنى وبار أولا على الكسر ثم أعربه آخرا ؛ لأن قوافي القصيدة مرفوعة ، وقيل : ويحتمل أن يكون الثاني فعلا ماضيا مسندا للجماعة.
واتفق الحجازيون والتميميون وسائر العرب على بناء فعال المعدول على الكسر إذا كان مصدرا ، ومأخذه السماع كفجار وحماد ويسار ، قال :
٣٤ ـ فقلت : امكثي حتى يسار لعلّنا
وقال :
__________________
٣٣ ـ البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١١٣ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٩٣.
٣٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص ١١٧ (الحاشية) ، والخزانة ٦ / ٣٣٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣١٧ ، وبلا نسبة في الخزانة ٦ / ٣٢٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٧٧.