فائدة
اشتهر على ألسنة كثير من النّاس في قوله تعالى : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) [الأعراف : ١٤٥] ، أنّها مصر (١) ؛ وقد نصّ ابن الصلاح وغيره على أنّ ذلك غلط نشأ من تصحيف ؛ وإنّما الوارد عن مجاهد وغيره من مفسّري السّلف : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) ، قال : مصيرهم ؛ فصحّف بمصر.
ذكر الآثار التي ورد فيها ذكر مصر
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم (٢) في فتوح مصر : حدّثنا أشهب بن عبد العزيز وعبد الملك بن مسلمة ، قالا : حدّثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا ؛ فإنّ لهم ذمّة ورحما». قال ابن شهاب : وكان يقال : إنّ أمّ إسماعيل عليه الصلاة والسلام منهم. وأخرجه أيضا اللّيث ، عن ابن شهاب ، وفي آخره : قال الليث : قلت لابن شهاب : ما رحمهم؟ قال : إنّ أمّ إسماعيل منهم. وأخرجه أيضا من طريق ابن عيينة وابن إسحاق عن ابن شهاب. وهذا حديث صحيح ، أخرجه الطّبراني في معجمه الكبير ، والبيهقيّ وأبو نعيم ، كلاهما في دلائل النبوّة.
وأخرج مسلم في صحيحه ، عن أبي ذرّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ستفتحون مصر ، وهي أرض يسمّى فيها القيراط ؛ فاستوصوا بأهلها خيرا ؛ فإنّ لهم ذمّة ورحما».
وأخرج مسلم ، وابن عبد الحكم في الفتوح ، ومحمد بن الربيع الجيزيّ في كتاب : من دخل مصر من الصحابة ، والبيهقيّ في دلائل النبوّة ، عن أبي ذرّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط ، فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإنّ لهم ذمة ورحما ؛ فإذا رأيت رجلين يقتتلان على موضع لبنة ، فاخرج منها». قال : فمرّ أبو ذرّ بربيعة وعبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وهما يتنازعان في موضع لبنة ، فخرج منها.
__________________
(١) كذلك شرحها السيوطي في تفسير الجلالين.
(٢) عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع ، توفي سنة ٢٥٧ ه ، وقبره إلى جانب قبر أبيه إلى جانب قبر الإمام الشافعي. [وفيات الأعيان : ٣ / ٣٤ ، ٣٥].