ذلك كما احتملتا أن يدغم ما بعدهما في نحو : ثوب بكر ، قال أبو حيان : وينفصل عن هذا بما يلزم من استثقال الحركة في حرف العلة.
قال : وقال أبو علي أيضا : وليس بتحريك لالتقاء الساكنين محضا ، ألا ترى أنه يدل على الحركة المحذوفة من الثاني ، فدل هذا على أن النقل جمع بين التخلص من التقاء الساكنين وبين الدلالة على حركة الإعراب ، وقال المبرد والسيرافي : هذا النقل للدلالة على لحركة المحذوفة كما راموا الحرف وأشموه للدلالة ، واحتجا بأن الوقف يحتمل فيه الجمع بين ساكنين ولا يتعذر ، فإنما نقلوا لبيان حركة الموقوف عليه ، ثم إن النقل لا يكون إلا إلى ساكن ، فإن كان ما قبل الحرف الآخر متحركا فلا يجوز النقل ، فلا يقال : مررت بالرجل بكسر الجيم نقلا لحركة اللام إليها ؛ لأنها مشغولة بحركتها ، ولأن النقل إنما كان فرارا من التقاء الساكنين وهو مفقود في الذي تحرك ما قبله ، ولغة لخم النقل إلى المتحرك قال :
١٧٩٨ ـ من يأتمر للحوم فيما قصده |
|
تحمد مساعيه ويعلم رشده |
وشرط الساكن أن يكون صحيحا ، فإن كان حرف علة ك : (دار) و (عون) و (بين) لم يجز النقل إليه ؛ لاستثقال الحركة على حرف العلة ، وألا يكون مضاعفا نحو : (العل) فلا يقال : انتفعت بالعلل ؛ لأن ذلك مفض إلى فك المدغم ، وقد اعترفوا على إدغامه فلا يفك مثل هذا إلا في ضرورة الشعر ، وشرط المنقول منه أن يكون حرفا صحيحا فلا ينقل من غزو ؛ لأنه يؤدي إلى كون الآخر واوا قبلها ضمة في المرفوع وذلك مرفوض ، وإلى القلب والتغيير في المخفوض ، وشرط النقل ألا يؤدي إلى عدم النظير فلا يجوز في انتفعت ببسر ؛ لأنه يصير على وزن فعل وهو مفقود في الأسماء ، ولا في هذا بشر ؛ لأنه يصير على وزن فعل وهو مفقود في الكلام ، بل يتبع فيقال : ببسر وهذا بشر ، ويستثنى من هذا الشرط المهموز فإنه يجوز النقل فيه وإن أدى إلى عدم النظير ويغتفر فيه ذلك ؛ لأن الضرورة فيه أخف من الهمز الساكن ما قبله ، فيقال : هذا الردء ومررت بالبطء.
وشرط الحركة المنقولة ألا تكون فتحة ، فلا يقال : قرأت العلم بالنقل ، بل العلم بالإتباع ، وذكروا في امتناع النقل من الفتحة إلى الساكن قبلها وجهين :
أحدهما : أنهم لو نقلوا في الوقف وسكنوا في الوصل كانوا كأنهم سكنوا فعل ، ولا
__________________
١٧٩٨ ـ الرجز بلا نسبة في المقاصد النحوية ٤ / ٥٥٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٧٥٤ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١١٤٧.