(ش) إذا كان المدغم متحركا فإما أن يكون ما قبله متحركا أو ساكنا ، إن كان متحركا بقي على حركته وسكن ذلك الحرف المدغم وأدغم فيما بعده ، وإن كان ساكنا نقل إليه حركة المدغم وأدغم نحو : يرد ويفر ويمد ومقر ، الأصل يردد ويفرر ويمدد ومقرر ، نقلت الضمة والكسرة والفتحة إلى الحرف الساكن حذرا من اجتماع ساكنين ذلك الحرف ، والحرف المدغم فإنه سكن لأجل الإدغام.
فإن كان الساكن الذي قبله حرف مد ألفا أو واوا أو ياء تصغير لم ينقل إليه نحو : راد وحاد وعود ودويبة ؛ لأن أصل وضع حرف المد عدم الحركة خصوصا الألف فإن تحريكها غير ممكن.
فإن التقى المثلان المتحركان من كلمتين جاز الإدغام من غير وجوب نحو : (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ) [الذاريات : ٥٨] ما لم يكن مانع فإنه يمنع الإدغام بأن كانا همزتين نحو : قرأ أبوك ، فإن العرب تنكبت عن إدغام الهمزة إلا عينا ، أو وليا ساكنا غير لين فيما قاله البصريون ، وجزم به ابن مالك في «التسهيل» ، وتعقبه أبو حيان بأن أبا عمرو قرأ بالإدغام في مثل ذلك نحو : (الرُّعْبَ بِما) [آل عمران : ١٥١] ، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ) [الأعراف : ١٩٩] ، (مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ) [الجمعة : ١١] ، (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) [الشورى : ٢٢] ، (الشَّمْسَ سِراجاً) [نوح : ١٦] ، (شَهْرُ رَمَضانَ) [البقرة : ١٨٥] ، (عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) [الذاريات : ٤٤] ، (ذِكْرُ رَحْمَتِ) [مريم : ٢] ، (الْبَحْرَ رَهْواً) [الدخان : ٢٤] ، (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) [هود : ٦٦] ، (فَهِيَ يَوْمَئِذٍ) [الحاقة : ١٦] ، قال : «روي جميع هذا عن أبي عمرو بالإدغام ، وهو لا يجوز عند البصريين ، والذين رووا ذلك عن أبي عمرو أئمة ثقات ومنهم علماء بالنحو كأبي محمد اليزيدي وغيره ، فوجب قبوله وإن لم يجزه البصريون غير أبي عمرو ، فأبو عمرو رأس في البصريين ولم يكن ليقرأ إلا بما قرئ ؛ لأن القراءة سنة متبعة ، غاية ما في ذلك أن يكون قليلا في كلام العرب ؛ إذ لو كان كثيرا لما غاب علمه عن البصريين غير أبي عمرو ، وأما عدم الجواز فلا نقول به» ا ه.
ويجوز الإدغام أيضا من غير وجوب فيما إذا كان المثلان ياءين لازما تحريك الثاني منهما نحو : حيي وعيي ، وقد قرئ به : (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال : ٤٢] ، و (من حيي) بالإدغام والإظهار ، وفي «الإيضاح» أن الإظهار أكثر في كلامهم.
فإن كان تحريك الياء الثانية عارضا نحو : لن يحيى لم يجز إلا الإظهار فقط ، ويجوز الإدغام أيضا من غير وجوب فيما إذا كان المثلان تاءين في باب افتعل نحو : (استتر)