فعليك بحفظ عبارته وتأمل فحواها ، وإياك والمبادرة بإنكارها لإلفك سواها ، ودونك وإبراز محاسنها التي لا تخفى إلا على جامد البصيرة أعماها ، فربما خالف غيره في تعبير أو تأخير أو تقديم ، فظنه من لا فظنة له عدولا عن المنهج القويم ، وما درى أن ذلك لأمر مهم يستخرجه النظر السليم ، وربما أفصحت بذكر أرباب الأقوال ولا بالتعداد إما تقوية لمن نسب إليه الانفراد ، أو فتفرد وغير ذلك من الأمور التي تقصد لتستفاد ، وربما نقلنا عن أحد خلاف ما نسبه بعض المشاهير إليه ، فحسبه غلطا لا اطّلاع له ولا تحقيق لديه ، وما شعر أن ذلك بعد التطلع والفحص الشديد عليه ، فدونك مختصرا انطوى على زبدة مئة مصنف ، واحتوى على ما به العيون تقرّ والأسماع تشنف ، وأتى من العجب العجاب بما لم يجمعه قبله مؤلف ، فحق أن يكون على كتب الأنام سريا ، وبأنواع المحامد والمحاسن حريا ، جعلنا الله به مع الذين أنعم الله عليهم ورفعهم مكانا عليا.
***