رباط الآثار
بالقرب من بركة الحبش (١) عمره الصّاحب تاج الدين بن الصاحب فخر الدين بن الصاحب بهاء الدين حنّا ، وفيه قطعة خشب (٢) وحديد وأشياء أخر من آثار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، اشتراها الصاحب المذكور بمبلغ ستّين ألف درهم فضة من بني إبراهيم أهل ينبع ؛ ذكروا أنّها لم تزل موروثة عندهم من واحد إلى واحد إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وحملها إلى هذا الرباط ، وهي به إلى اليوم يتبرّك بها. ومات الصاحب تاج الدين في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعمائة (٣).
وللأديب جلال الدين بن خطيب داريّا في الآثار بيتان :
يا عين إن بعد الحبيب وداره |
|
ونأت مرابعه وشطّ مزاره |
فلقد ظفرت من الزمان بطائل |
|
إن لم تريه فهذه آثاره |
ذكر الحوادث الغريبة الكائنة بمصر في ملّة الإسلام
من غلاء ووباء وزلازل وآيات وغير ذلك
في سنة أربع وثلاثين من الهجرة ، قال سيف بن عمر : إنّ رجلا يقال له عبد الله بن سبأ كان يهوديّا فأظهر الإسلام ، وصار إلى مصر ، فأوحى إلى طائفة من الناس كلاما اخترعه من عند نفسه ، مضمونه أنّه كان يقول للرجل : أليس قد ثبت أنّ عيسى ابن مريم سيعود إلى هذه الدنيا؟ فيقول الرّجل : بلى ، فيقول له : رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفضل منه ، فما يمنع أن يعود إلى هذه الدنيا وهو أشرف من عيسى؟! ثمّ يقول : وقد كان أوصى إلى عليّ بن أبي طالب ؛ فمحمد خاتم الأنبياء ، وعليّ خاتم الأوصياء. ثمّ يقول : فهو أحقّ بالأمر من عثمان ، وعثمان معتد في ولايته ما ليس له. فأنكروا عليه ، فافتتن به بشر كثير من أهل مصر وكان ذلك مبدأ تألّبهم على عثمان.
وفي سنة ستّ وستّين وقع الطاعون (٤) بمصر.
__________________
(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ١٥٢ : وهي في ظاهر مدينة الفسطاط من قبليها فيما بين الجبل والنيل.
(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٤٢٩ : قيل له رباط الآثار لأن فيه قطعة خشب وحديد من آثار الرسول صلىاللهعليهوسلم. اشتراها الصاحب تاج الدين.
(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٤٢٩ : ولد سنة ٦٤٠ ه ، وتوفي سنة ٧٠٧ ه.
(٤) في النجوم الزاهرة : ١ / ٢٣١ : فيها كان الطاعون بمصر ، ومات فيه خلائق عظيمة.