وفي سنة ثلاثين وثلثمائة في المحرّم ظهر كوكب (١) بذنب رأسه إلى الغرب وذنبه إلى المشرق ، وكان عظيما جدّا وذنبه منتشر ، وبقي ثلاثة عشر يوما إلى أن اضمحلّ.
وفي سنة أربع وأربعين زلزلت (٢) مصر زلزلة صعبة هدمت البيوت ، ودامت ثلاث ساعات ، وفزع الناس إلى الله بالدعاء.
وفي سنة تسع وأربعين رجع حجيج (٣) مصر من مكّة ، فنزلوا واديا ، فجاءهم سيل فأخذهم كلّهم ، فألقاهم في البحر عن آخرهم.
وفي سنة خمس وخمسين قطعت (٤) بنو سليم الطريق على الحجيج من أهل مصر ، وأخذوا منهم عشرين ألف بعير بأحمالها ، وعليها من الأموال والأمتعة ما لا يقوّم كثرة ، وبقي الحاجّ في البوادي ، فهلك أكثرهم. وفي أيام كافور الإخشيدي كثرت الزلازل بمصر ، فأقامت ستّة أشهر ، فأنشد محمد بن القاسم بن عاصم قصيدة منها :
ما زلزلت مصر من سوء يراد بها |
|
لكنّها رقصت من عدله فرحا |
كذا رأيته في نسخة عتيقة ، من كتاب مذهب الطالبيّين ، تاريخ كتابتها بعد الستّمائة ، ثمّ رأيت ما يخالف ذلك كما سأذكر.
وفي سنة تسع وخمسين انقضّ كوكب (٥) في ذي الحجة ، فأضاء الدنيا حتّى بقي له شعاع كالشمس ، ثم سمع له صوت كالرعد.
وفي سنة ستّين وثلثمائة ، سارت القرامطة (٦) في جمع كثير إلى الديار المصرية ، فاقتتلوا هم وجنود جوهر القائد قتالا شديدا بعين شمس ، وحاصروا مصر شهورا ؛ ومن شعر أمير القرامطة الحسين بن أحمد بن بهرام :
زعمت رجال الغرب أنّي هبتهم |
|
فدمي إذن ما بينهم مطلول |
يا مصر إن لم أسق أرضك من دم |
|
يروي ثراك فلا سقاني النّيل (٧) |
وفي هذه السنة سار رجل من مصر إلى بغداد ، وله قرنان ، فقطعهما وكواهما وكان يضربان عليه. حكاه صاحب المرآة.
__________________
(١) الكامل لابن الأثير : ٦ / ٢٨٨.
(٢) النجوم الزاهرة : ٣ / ٣٥٧.
(٣) الكامل لابن الأثير : ٦ / ٣٥٨.
(٤) النجوم الزاهرة : ٤ / ١٣.
(٥) النجوم الزاهرة : ٤ / ٥٩.
(٦) الكامل لابن الأثير : ٧ / ٤٢ ، ٤٣.
(٧) الكامل لابن الأثير : ٧ / ٤٣.