واستمرّ الحافظ على الولاية إلى أن مات في جمادى الآخرة (١) سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
وولي بعده ولده الظافر بالله (٢) أبو المنصور إسماعيل ، فأقام إلى أن قتل (٣) في المحرّم سنة تسع وأربعين.
وولي بعده ولده الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى ، وهو صبيّ صغير ابن خمس سنين ؛ فإنّ مولده في المحرّم سنة أربع وأربعين ، فأقام إلى أن توفّي في صفر سنة خمس وخمسين ؛ وعمره يومئذ إحدى عشرة سنة ، وكان مدبّر دولته أبو الغارات طلائع بن رزّيك (٤).
وولي بعده العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ (٥) ، وهو آخر العبيديين. ومات يوم عاشوراء سنة سبع وستّين ، وزالت دولتهم على يد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيّوب ؛ رحمهالله تعالى.
قال ابن كثير : ومن الغريب أنّ العاضد في اللغة ، القاطع ، ومنه الحديث : «لا يعضد شجرها» ، فبالعاضد قطعت دولة بني عبيد.
وقال ابن خلّكان : سمعت جماعة من المصريّين يقولون : إنّ هؤلاء القوم في أوائل دولتهم قالوا لبعض العلماء : اكتب لنا ألقابا في ورقة تصلح للخلفاء ؛ حتّى إذا تولّى واحد لقّبوه ببعض تلك الألقاب ، فكتب لهم ألقابا ، وآخر ما كتب في الورقة : «العاضد». فاتّفق أنّ آخر من ولي منهم العاضد. ولم يكن للمستنصر ومن بعده من الخلافة سوى الاسم فقط ؛ لاستيلاء وزرائهم على الأمور وحجرهم عليهم ، وتلقّبهم بألقاب الملوك ؛ فكانوا معهم كخلفاء عصرنا مع ملوكهم ، وكخلفاء بغداد مع بني بويه ، وأشباههم.
ومن قصيدة ابن فضل الله التي سمّاها : حسن الوفاء لمشاهير الخلفاء :
والخلفاء من بني فاطمة |
|
إلى عبيد الله درّ فاخر |
أبناء إسماعيل في نجل جعفر الص |
|
ادق في القول أبوه الباتر |
__________________
(١) في شذرات الذهب ٤ / ١٣٨ : جمادى الأولى.
(٢) في الكامل لابن الأثير ٩ / ٢٤ : الظاهر بأمر الله.
(٣) في الكامل لابن الأثير ٩ / ٤٣ : قتله وزيره عباس أو ابنه نصر بن عباس.
(٤) انظر وصول ابن رزّيك إلى الوزارة في الكامل لابن الأثير : ٩ / ٤٤.
(٥) في الكامل لابن الأثير ٩ / ٦٨ : وكان مراهقا قارب البلوغ ، وزوّجه الصالح بن رزّيك ابنته.