«وهذا اشتقاق بعيد لو لا أن الرواية جاءت به» ، وقال قدامة بن جعفر في كتاب الخراج : «تأريخ كل شيء آخره ، وهو في الوقت غايته ، يقال فلان تاريخ قومه أي إليه ينتهي شرفهم ، ويقال ورخت الكتاب توريخا ، وأرخته تأريخا ، الأولى لغة تميم والثانية لغة قيس.»
وقال الأستاذ العلامة محمد كرد علي في كتابه خطط الشام ، قال العلامة البروتي «التأريخ هي مدة معلومة من لدن أول سنة ماضية كان فيها مبعث نبي بآيات وبرهان ، أو قيام ملك مسلط عظيم الشأن ، أو هلاك أمة بطوفان عام مخرب ، أو زلزلة خسف مبيد ، أو وباء مهلك ، أو قحط مستأصل ، او انتقال دولة ، أو تبديل ملة ، أو حادثة عظيمة من الآيات السماوية أو العلامات المشهورة الأرضية التي لا تحدث إلا في دهور متطاولة ، أو أزمنة متراخية تعرف به الأوقات المحددة ، فلا غنى عنه في جميع الأحوال الدينية والدنيوية» ، انتهى
وكانت العرب تؤرخ بالنجوم ، ومنه قول الكاتب : تجمعت على فلان كذا ليؤديه ، وبكل عام حدث فيه أمر مشهور ، فقد أرخوا بالختان لأنهم كانوا قد تهاونوا فيه وعظم عندهم أمره ، قال النابغة الجعدي :
فمن يك سائلا عني فإني |
|
من الشبان أيام الختان |
وقد أرخوا ببناء الكعبة ، وبموت كعب بن لؤي ، وبعام الفيل ، واستمر ذلك حتى جاء الإسلام وكانت الهجرة ، فكان ذلك العام الأول تاريخ هذه الأمة زادها الله شرفا وعلوا وأعاد عليها سالف مجدها وهداها إلى منهج الحق وصراطه المستقيم آمين
يلوح مما تقدم من مدلول كلمة تاريخ أن معناها التوقيت ، وهذا ما يظهر جليا في كتب المتقدمين ، فإنه قل ان يجد القارىء فيما دوّنه القدماء في فن التاريخ شيئا في تعليل الحوادث وتحليلها والنظر في اسبابها وعواقبها ، أو استخلاص النتائج منها ، كما انهم لم يحوموا حول بيان الحالة الاجتماعية