نزع يده عن الطاعة ، وأقام بأكناف تهامة مما يلي الجبال ، فرح وكتب إلى الامام يستقدمه ويستدعيه ويعده الموازرة ، وانه سيدخل عكّا (١) في الطاعة وهم قوة ابن مهدي وأنصاره فكتب إليه الإمام كتبا منها كتاب دعوة ، وهو :
بسم الله الرحمن الرحيم (٢).
من عبد الله المتوكل على الله والداعي إليه والمجاهد في سبيله أمير المؤمنين أحمد بن سليمان بن الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن رسول الله صلى الله عليهم أجمعين وآلهم الطيبين إلى الكافة من المسلمين الرّاغبين في الاعتصام بحبل الدين ، سلام عليكم ، فاني أحمد إليكم الله الذي بهر برهانه وغمر إحسانه ، وعمت آلاؤه ، وحسن بلاؤه ، وأسأله ان يصلي على جدنا محمد خاتم الأنبياء ووصيه سيد الأوصياء والشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وعلى عترته الأبرار المصطفين الأخيار الذين هم ينابيع العلم وعيونه ، ورضاب الحق ومعينه ، مفاتيح أقفاله ، ومصابيح حرامه وحلاله ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله حكاية عن ربه عز وجل انه قال : انت شجرة على أغصانها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها خلقتها من طينة عليّين وخلقت شيعتكم منكم انهم لو ضربوا على أعناقهم بالسيوف لم يزدادوا لكم إلّا حبّا ، وقد شيد ذلك ما روي عن جدنا رسول الله انه قال : في كل خلف من أهل بيتي عدول ينغوي عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين : ثم اني أتيتكم عباد الله من أفضل أهل بيت نبيّكم على ما لا يتوارى نوره ، ولا يتبارى مسيره فانهم علائق للنجاة ، ووثائق للفوز من المهلكات ، قال جدنا رسول الله
__________________
(١) اي قبيلة عك وهي من الأزد من ولد عدنان بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
(٢) هذه الرسالة نموذج من الأدب السياسي الذي كان يتعاطى خلال القرن السادس (زمن كتابة هذه الرسالة) وقد نقلها المؤلف من الكتاب النادر سيرة الإمام أحمد بن سليمان فيفهم.