الكرام ، أن أتسربل سرابيل الونى ولا أسدل على نفسي أستار الهوينا ، ولا أركن إلى زهرة الحياة الدنيا ولا أن أطلب لذّتها التي تبيد وتفني ، وقد سمعت الله يقول (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها)(١) الآية فعلمت ان لزوم الفريضة لي بالدعاء للحق إلى الله ، والجهاد في سبيله قال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ).
وقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) الآية (٢) ولا شك في وجوب الاجابة عليكم وتوجّه فرضها إليكم قال تعالى (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ)(٣) الآية.
معاشر المسلمين أجيبوا دعوتي فإنّي أدعوكم إلى أن تحيوا ما أحياه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، إلى آخر الكتاب وهو طويل جدّا.
ولما وصل ذلك الكتاب وما معه من الكتب إلى إبن الحرامي اطلع عليه أصحابه ، وكان فيهم ابن عمّ له من فقهاء الشافعية فتدسس إلى مكاره إبن عمه ، وما اكثر دسائس الأصدقاء الأشرار ، وسعى في إيصال الكتب إلى عبد النبي بن مهدي فاستطار لبّ عبد النبي ، وتضاعف قلقه ، وبذل كل قواه في إستمالة ابن الحرامي وأصحابه رؤساء عك ، حتى أوقعهم في حبائل مكره ، ومصائد مكيدته بما أنهد لهم من الصّلات ، وزخرف من الأقوال ، ثم عرضهم على السّيف فقتل من رؤساء عك ثلثمائة فارس وخمسين فارسا ، فيهم ابن الحرامي وغيره من رجالهم المعدودين ، وتلك عاقبة من أسرف في الثّقة وأثمن غير أمين :
إذا أنت حمّلت الخؤون أمانة |
|
فانك قد اسندتها شر مسند |
__________________
(١) الآية ١٥ سورة هود.
(٢) الآية ١٠٤ سورة آل عمران.
(٣) الآية ٣١ سورة الأحقاف.