أحكام الابتداء
(الابتداء) والمراد به الأخذ في النطق بعد الصّمت ، (لا يبتدأ) في النطق (إلّا بمتحرّك) وجوبا صناعيّا موافقا لحكم العقل ، لتعذّر الابتداء بالساكن بشهادة الذوق ، وما زعمه ابن جني من جوازه مع التعسر ووقوعه في الفارسية مع كون أوّل الكلمة مدغما ضعيف ، ولعل الحركة فيما زعم وقوعه فيه ضعيفة خفيّة على ما قيل ، لا يقال الحرف في أوّل وجوده يجب ان يكون ساكنا؟ ، ثمّ يعرضها الحركة ضرورة تأخر العارض عن المعروض ، لأنّا نقول : العروف انّما يقتضي التأخّر بالطبع ، ولا ينافي المعيّة الزمانيّة الواقعة بين الحركة والحرف المتحرّك كحال حركتي اليد والمفتاح بالوجدان. (١)
(كما لا يوقف إلّا على ساكن) ، وجوبا صناعيا موافقا لاستحسان العقل ، ليكون حكم الابتداء والانتهاء متضادّين كتضاد أنفسهما ، والمراد بالوقف : قطع الحركة عند السكوت لا ما يشمل الرّوم وغيره.
ولوجوب التحرّك فيما يبتدأ به كان المناسب والأصل تحرك ما هو أوّل الكلمة حقيقة ، وقد خولف في بعض الكلمات ، (فان كان الأوّل ساكنا) على خلاف ذلك الأصل ، وذلك فيما ليس مدلوله حدثا من الاسم سماعيّ ، (وذلك في عشرة اسماء محفوظة) منهم بالاستقراء دون غيرها ، (وهي : ابن ، وابنة) ، والأصل : بنو بالتحريك بدليل أبناء في الجمع ، لدلالة بنون في الجمع على فتح الأوّل ، وما فتح أوّله من صحيح العين لا يقاس «أفعال» في جمعه إلّا مع فتح العين ـ أيضا ـ كجبل
__________________
(١) وبالوجدان متعلّق بقوله : ولا ينافي.