«تفعولا» مشتقا من : ربّت فلان الصّبي ـ بالتاء الأصليّة في آخره ـ على صيغة ماضي التفعيل ـ إذا ربّاه ـ على ان يكون التاء الأخيرة أصليّة والاولى زائدة ؛ على عكس ما ذهب إليه ، مع المناسبة في الحروف والمعنى ؛ فانّه انّما يصير ذلولا بالتربية ، لقلّته وكثرة «فعلوت» بزيادة التاء في الآخر بعد الواو ـ للمبالغة كجبروت ، وملكوت ، وقولهم : رهبوت خير من رحموت ـ أي الكون مرهوبا خير من الكون مرحوما ـ وغير ذلك ، فرجّح سيبويه الاشتقاق الأوّل ؛ لرجحانه بكثرة النظير.
وامّا جعله «فعلوتا» من : الدّربة ـ بالدال ـ بمعنى العادة ، على ان تكون التاء في أوّله مبدلة عن الدال فبعيد ، لبعد هذا الإبدال خصوصا مع الاستغناء عنه بالوجه الظاهر الّذي ذكره مع اعتضاده باصالة عدم الإبدال.
(وقال) سيبويه : (في سبروت) ـ بالسّين والرّاء المهملتين بينهما الموحدة في آخره التاء ؛ للشيء القليل ، والقفر من الأرض ، والمسكين من الرجال ـ وبمعناه : السّبريت ، والسّبرات ؛ والجمع : سباريت ؛ والاثنى : سبروتة ـ بالتاء ـ ، هو «فعلول» ـ بضمّ الفاء واللّام وسكون العين ، على ان اصوله حروف سبرت على أحد أوزان (١) ، وهو مشتق منه بزيادة الواو وان كان ذلك الأصل مهجورا ، فهو من المزيد الرّباعي كعصفور ، (وقيل) : هو مشتق (من السّبر) بمعنى الامتحان والاختبار ووزنه «فعلوت» على انّه من المزيد الثلاثي ؛ والتاء زائدة ؛ على ما يناسبه ما ورد على ندرة من جمعه على : السّباري ، ويمكن اعتبار ذلك في المعاني المذكورة بضرب من التكلف ؛ فانّ المسكين كأنه ممتحن من الله تعالى ، والقفر من الأرض من شأنها ان يختبرها الدليل الحاذق بالشم ليعرفها على ما هو عادتهم ، ومنه : المسافة لأنها تستاف ـ أي تشم ـ لتعرّف ، والشيء القليل : كأنه ممّا يمتحن به الانسان ، لكن المشهور ان من جعل سبروتا من : السّبر قال : انّه بمعنى الدليل الحاذق في اختبار الطرق ؛ وهذا المعنى غير مذكور في تفسيره في شيء من الكتب المعتبرة ؛ وبعد تسليم وروده يمكن كونه مشتقا من :
__________________
(١) هكذا وجدناه في نسخ الّتي بأيدينا ، ولكن الظاهر : على أحد أوزان الرّباعي.