وذلك : لأنّ الامالة ليست كسرة محقّقة ، ولا ياء حتّى يعتبر الامالة الثانية لمناسبتها ، ولذلك لم يعتد به إلّا قليل ، (نحو : رأيت عمادا) وقفا ، فانّ الألف الواقعة بعد الميم قد تمال للكسرة اللّازمة قبلها مع وحدة الفاصل ، وقد يمال الألف الحاصلة في الوقف أيضا وان خلت عن السبب لتلك الامالة قبلها ، والامالة كأنها جرت على الامالة فكما انّ الحذف قد يجري على الحذف لانفتاح الباب بوقوع ما وقع أوّلا.
فهذه الامالة والامالة للفواصل في السبب السابق كلتاهما امالة للامالة ، لكنهم اصطلحوا على تخصيص هذا السبب بهذا الاسم فكأنهم زعموا انّ التسمية ثمّه بالفواصل أولى ، تنبيها على انّ الداعي فيه رعاية تناسبها.
(وقد تمال ألف التنوين) الحاصلة في الوقف على المنصوب وان تكن امالة قبلها ليتوسل بذلك إلى ظهورها ، فان امالتها ادخل في بيانها من تخليتها وطبعها ، لكن هذا داع ضعيف إلى تغييرها عن صورتها من غير سبب ، ولذلك حكموا بضعف هذه الامالة ، وهي : (في) ما فيه قبل الآخر ياء ساكنة(نحو : رأيت زيدا) أكثر منها في ما ليس كذلك نحو : رأيت عبدا ، لما في المشتمل على تلك الياء من المشابهة لنحو : شيبان.
فهذا بيان الأسباب.
(و) قد يمنع من الامالة مانع ، ومن ذلك : (الاستعلاء) ، وهو (في غير باب) : ما فيه ألف منقلبة عن واو مكسورة ، نحو : (خاف) ، (و) باب : ما ألفه منقلبة عن ياء نحو : (طاب) ، (و) باب : ما يصير ألفه ياء مفتوحة في بعض الأحوال ، كالصائرة إليها في البناء للمفعول في نحو : (صغي مانع) عنها ، لأن حروف الاستعلاء ـ وهي : حروف «قظ خصّ ضغط» (١) ـ يرتفع بها اللسان إلى الحنك الأعلى فيقتضي بقاء
__________________
(١) قال ملّا علي قاري : قظ : أمر من قاظ بالمكان إذا أقام به في الصيف ، والخص : البيت من