لأن تركيب الجأن ـ بالهمزة مهمل بل ظاهر كلام الجوهري انّها واوية ، والهمزة فيها إذا همزت مبدلة عن الواو حيث قال : بعد تفسيرها وربّما همزوا ، وابدالها منها وجوبا على الأشهر في نحو : حمراء في المثنى والجمع الصحيح بالألف والتاء ، والنسبة كحمراوان وحمراوات.
(والميم) تبدل (من الواو) ، لكونها شفوية مثلها(و) من (اللّام ، والنون) للتشارك في الجهر والتوسط بين الشدّة والرخاوة ، (و) من (الباء فمن الواو) ابدال (لازم في : فم وحده) دون غيره ، وذلك إذا لم يكن مضافا ، وأصله : فوه بدليل أفواه في الجمع وتفوهت ، فحذفت الهاء كراهة اجتماع الهائين في نحو : فوهه بالاضافة إلى الضمير مع سهولة الخطب في حذفها لخفائها وكونها كالمعدوم ثمّ ابدلت الواو ميما عند التجرّد عن الاضافة لئلّا يبقى المعرب على حرف واحد عند سقوطها وجرا كقاض.
والأصل في مثناه : فمان ، وامّا فموان بالجمع بين الميم والواو مع كونها عوضا عنها فكأنه مخالف للقياس مبني على توهم انّ الميم من نفس الكلمة وانّ الأصل : فمو كأخو وأبو في أخ وأب لكن تمسك به الأخفش في كون الميم مبدلة عن الهاء بعد قلبها من مكانها إلى موضع الواو فحصل فهو ، ثمّ ابدلت الميم عنها فحصل فمو ، وإذا أضيف عادت الواو بنفسها ـ رفعا ـ مع القلب ألفا ـ نصبا ـ ، وياء ـ جرا ـ كما تعاد في اخواتها من الأسماء الستّة عند الاضافة فيقال : فوزيد ، وفوك ، وفاك ، وفيك مثلا ، وربّما جاء بالميم عند الاضافة أيضا من غير اختصاص بالشعر كما زعمه بعضهم ، ومنه الحديث : «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» (١).
__________________
(١) وهو جزء من حديث أخرجه الترمذي وأبو نعيم ، وهو أيضا جزء من حديث طويل رواه البخاري في كتاب الصوم (باب وجوب الصوم) ٤ / ٨٨ ، ٩٤ ، ومسلم في كتاب الصيام (باب فضل الصيام) (١١٥١).