وكان من الامور الغير المكتوبة مثل ان يسمى رجلا : بجيم ويقال : أكتب الجيم ناظرا إلى هذا الوضع (كتبت كغيرها) من الألفاظ الموضوعة للمعاني الغير المكتوبة بتصوير حروف هجائها لعدم صلاحية مسماها حينئذ كذات الرجل للكتابة فالقصد انّما يتعلّق بكتابة تلك الأسماء أنفسها ، فكتب صورة الجيم المؤلفة من : ج ، ي ، م مثلا ، مثل : كتابة زيد بصورة المؤلفة من : ز ، ي ، د وفي مثل ذلك يراد بالاسم نفس لفظه.
وهكذا يجوز اطلاق كل لفظ على نفسه حتّى انّهم ذكروا انّ الألفاظ اعلام بالنسبة إلى أنفسها عن وضع لفظ آخر يعبر به عنها لكن وضع اللفظ لنفسه ليس قصديا بل ضمني فلذلك لم يحكموا بكون كل لفظ مشتركا بين نفسه والمعنى الآخر الموضوع هو له فهذان وجهان في تلك الأسماء ، أحدهما : كونهما أسماء للحروف وذلك هو الأصل والأكثر فيها وكتابتها ـ حينئذ ـ بصورت مسماها إذا قصد المسمّى.
والثاني : ما قد يطرؤها من تسمية غير الحروف بها وكتابتها بتصوير حروف هجاء أنفسها كغيرها.
(و) لكنها كتب (في) فواتح السور الشريفة الّتي وقعت هي فيها من (المصحف) على نهج واحد هو مقتضي (أصلها) وهو كتابة صورة مسمّاها(على) كلا(الوجهين) المذكورين وذلك المكتوب على أصلها(نحو : حم ، ويس ،) وتوضيح ذلك ان تلك الفواتح فسّرها بعضهم بالوجه الأوّل المقتضي لتصوير مسماها في الكتابة كما قلنا ، وهو كونها أسماء للحروف امّا بأن يكون المراد ما قيل انّ القرآن مؤلف من هذه الحروف الّتي يتألف منها كلام البشر مع عجزهم عن معارضته فيكون معجزا.
وامّا ان يراد ما هي أبعاض لها كما روى عن ابن عباس (رضياللهعنه) ان ـ الم ـ انا لله أعلم ، وامّا لغير ذلك وفسرها بعضهم بالوجه الثاني وهو كونها أسماء لغير الحروف كما قيل ان ـ طه ـ ويس ـ اسمان للنبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وـ ق ـ اسم لجبل وـ ن ـ للذّوات وقياسها على هذا ان تكتب بتصوير حروف هجائها