وقال أيضا :
تحن إلى أوطانها بزل مالك |
|
ومن دون ما تهوى المزار المقارف |
وسيح أبي فيه منع لضائم |
|
وفتيان أنجاد كرام غطارف |
فحني رويدا واستريحي وبلغي |
|
فهيهات منك اليوم تلك المالف |
ثم سار يريد عمان فكان لا يمر بحي من أحياء العرب من معد أو عدنان إلا سالموه ووادعوه لمنعته وكثرة عساكره وسار حتى نزل برهوت وهو بلد بحضرموت. فلبث فيه حتى راح واستراح وبلغه أن بعمان الفرس وهم ساكنوها فعبأ عساكره وعرضها ويقال إنهم كانوا ستة آلاف فارس وراجل فاستعد قاصدا لعمان وجعل على مقدمته ابنه هناءة ويقال فراهيد في ألفي فارس من صناديد قومه. فلما وصل الشحر تخلف مهرة بن حميدان بن الحاف بن قضاعة ابن مالك بن حمير ، فنزل الشحر ، وسار مالك حتى دخل عمان بعسكره في الخيل والعدة فوجد بها الفرس من جهة الملك دارا بن دارا بن بهمن بن اسفيديار وهم يومئذ أهلها وسكانها والمتقدم عليهم المرزبان عامل الملك (١).
فعند ذلك اعتزل مالك بمن معه إلى جانب قلهات من شط عمان ليكون أمنع لهم وترك العيال والأثقال وترك معهم من يمنعهم من العسكر وسار ببقية العسكر. وجعل على المقدمة ابنه هناءة في ألفي فارس وسار حتى نزل بناحية الجوف (٢) فعسكر عسكره وضرب مضاربه بالصحراء وأرسل إلى الفرس يطلب إليهم النزول في قطر من أقطار عمان وأن يمكنوه ويفسحوا له في الماء والكلأ ليقيم معهم.
__________________
(١) كان الفرس يحتلون سواحل عمان ، وصحار خاصة ولم يكونوا قط أهل البلاد وساكنيها كما يوحى بذلك نص الخبر.
(٢) الجوف أرض فسيحة بداخلية عمان من ناحية نزوى.