على ذلك عهدا وجزية فأجابهم مالك إلى ذلك وأعطاهم عهدا لا يعارضهم حتى يبدأوه بحرب وكف عنهم الحرب وعادوا إلى صحار وما حولها من الشطوط وكانوا هناك والأزد في عمان.
وانحاز مالك إلى جانب قلهات فقيل إن الفرس في تلك المهادنة طمسوا أنهارا كثيرة وأعموها وكان سليمان بن داود عليه السلام أقام بعمان عشرة أيام وقد حفر فيها عشرة الاف فلجا (١) وطمس الفرس أكثرها في مدة الصلح التي طلبوها من مالك بن فهم.
ثم إن الفرس كتبوا إلى الملك دارا بن دارا بقدوم مالك إلى عمان ممن معه وما جرى بينهم وبينه من الحرب وقتل قائدهم المرزبان وجل أصحابهم وأخبروه بما هم فيه من الضعف والعجز وأستاذنوه في التحمل إليه بأهليهم وذراريهم.
فلما وصل كتابهم إليه وقرأه غضب غضبا شديدا وداخله القلق وأخذته الحمية عن قتل من قتل من أصحابه وقواده فعند ذلك دعا بقائد من عظماء مرازبته وأساورته وعقد له على ثلاثة الاف من أجلاء أصحابه ومرازبته وبعثهم مددا لأصحابه الذين بعمان فتحملوا إلى البحرين ثم خلصوا إلى عمان وكل هذا لم يدر به مالك فلما وصلوا إلى أصحابهم أخذوا يتأهبون للحرب حتى انقضى أجل العهد فجعل مالك يستطلع أخبارهم وبلغه وصول المدد إليهم فكتب إليهم : ـ (إني قد وفيت بما كان بيني وبينكم من العهد وتأكيد الأجل وأنتم بعد حلول بعمان ، وبلغني أنه قد أتاكم من قبل الملك مدد عظيم وأنكم تستعدون لحربي وقتالي فإما أن تخرجوا من عمان طوعا وإلا رجعت عليكم بخيلي ورجلي ووطيت ساحتكم وقتلت مقاتلتكم وسبيت ذراريكم ، وغنمت أموالكم).
__________________
(١) الفلج وجمعها أفلاج ، قنوات لسحب مياه العيون للإفادة منها في السقاية والري.