٥ ـ أخبار سليمة بن مالك :
ولما قتل سليمة أباه تخوف من إخوته واعتزلهم وأجمع على الخروج من بينهم فسار إليه أخوه هناءة في جماعة من وجوه قومه واجتمعوا إليه وكرّهوا إليه الخروج وكان أكثر تخوفه من أخيه معن فقال لهم إني لا أستطيع المقام معكم وقد قتلت أباكم وكان ذلك من سبب حسد إخوتي لي وقد يبلغني من معن ما أكره وإني لأخشى أن يغتالني في بعض سفهاء قومه ، فناشدوه الله والرحم أن يقعد معهم وضمن له هناءة بتسليم الدية عنه إلى إخوته من ماله وأعفوه عن القود فقبل ذلك سليمة وأقام معهم وسلم هناءة الدية من ماله إلى إخوته فقبل الأخوة وعفوا إلا معن فإنه قبلها ولم يعف ، وطمع هناءة أن يصلح ذات بينهم ، وكان حسن السيرة في إخوته وقومه.
ثم إن معنا خلا له زمن لا يتعرض لسليمة بسوء حتى أكل الدية ثم جعل يطلب غفلة سليمة ويغري به سفهاء قومه من حيث لا يعلم به أحد ، فبلغ ذلك سليمة فأقسم لا يقيم بأرض عمان وأجمع رأيه على ركوب البحر ، فخرج هاربا في نفر من قومه فقطع البحر حتى نزل بر فارس وأقام بحاسك وتزوج بإمرأة منهم من قوم يقال لهم «الأسفاهية» فولده منها يسمون «بنو الأسفاهية» ، فبينما سليمة ذات يوم قاعدا ذكر أرض عمان وانفراده عن إخوته وما كان فيه من العز والسلطان فقال في ذلك شعرا :
كفى حزنا إني مقيم ببلدة |
|
أخلائي عنها نازحون بعيد |
أقلب طرفي في البلاد فلا أرى |
|
وجوه أخلائي الذين أريد |
٦ ـ سليمة بن مالك يحكم بلاد كرمان :
ثم إنه رحل ونزل بأرض كرمان ، وأقام عند بعض ملوكها وعرّفه بحسبه ونسبه وكيف حسده إخوته وكيف قتل أباه وكيف كان خروجه عن إخوته ، فلما