فعند ذلك اجتمعت الأزد فقاتلوهم قتالا شديدا وقتل مسكان وكثير من أصحابه وقواده ثم تحصن بقيتهم في مدينة دستجرد فحاصروهم أشد الحصار ، فلما طال عليهم الحصار طلبوا الصلح فصالحوهم على أن يتركوا كل صفراء وبيضاء وحلقة ويراع فأجابوا إلى ذلك وخرجوا من عمان وبقيت أموالهم وهذه الصوافي (١).
١١ ـ عودة ابن العاص إلى المدينة :
ومكث معهم عمرو وهم له طائعون ولقوله سامعون إلى أن بلغته وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فأراد الرجوع إلى المدينة فصحبه عبد بن الجلندى وجيفر ابن جشم العتكي وأبو صفرة سارف بن ظالم في جماعة من الأزد فقدموا مع عمرو بن العاص إلى أبي بكر رضي الله عنه فلما دخلوا عليه قام سارف بن ظالم وقال يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويا معشر قريش هذه أمانة كانت في أيدينا وفي ذمتنا ووديعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد برئنا إليكم منها ، فقال أبو بكر : جزاكم الله خيرا وقام الخطباء بالثناء عليهم والمدح فقالوا كفاكم معاشر الأزد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وثناؤه عليكم وقام عمرو بن العاص فلم يدع شيئا من المدح والثناء إلا قاله في الأزد.
وجاءت وجوه الأنصار من الأزد وغيرهم مسلمين على عبد ومن معه فلما كان من الغداة أمر أبو بكر فجمع الناس من المهاجرين والأنصار وقام أبو بكر خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه وقال :
معاشر أهل عمان إنكم أسلمتم طوعا لم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا حافر ولا عصيتموه كما عصيه غيركم من العرب ، ولم ترموا بفرقة ولا تشتت
__________________
(١) الصوافي ، هي الأملاك والأرض التي جلا عنها أهلها أو ماتوا ولا وارث لها ، واحدتها صافية ، وقيل الضياع التي يستخلصها السلطان لخاصته الصوافي. (لسان العرب).