ونصر ، واجتهد في ذلك وصبر ، ودعا إلى ذلك واستبصر ، وراح في ذلك وبكر ، وأقبل في ذلك وأدبر ، فأمده الله بمن أمده فأيدهم طاقته وجهده ، فجيّش إليهم أنصاره وأعوانه إلا من لا غناية له عنه من خاصته وإخوانه ، وقعد لهم في مكانه ، وكان السلطان وأعوانه بنزوى نازلين ، وكان تخلفه عن الحرب برأي من بحضرته من إخوانه وأهل ثقته ، ورجا أن يكون في تخلفه عز للإسلام وأهله وقوة لنصره وعدله وكان تخلفه عن الجيش الذي بعثه إلى السلطان الجائر بنزوى قريبا من المحاره إلى عقبة منح ولم يكن عنهم ببعيد ، فأتى الله بالمقدور وما قد علم الله أن تصير إليه تلك الأمور ، فهزم أنصاره وغلبوا ، وولوا عنه وأدبروا مع ذلك وهربوا ، فانفضت هنالك جماعتهم وزالت رايتهم وخرج مخذولا مغلوبا خائفا يترقب مطلوبا ، وكان ذلك ضحوة النهار ، فلم يكن عشيا من يومه ذلك حتى انفض عنه جميع من كان معه ووقعت الغلبة والبأس وايس مع ذلك من نصر الناس فاستولى السلطان الجائر على جميع عمان من جميع النواحي والبلدان ، وأقبل الناس في المصانعات ، وأقبل إليهم السلطان الحائر بالسخر والمداهنات حتى دانت لهم جميع النواحي ، والإمام خائف في رؤوس الجبال والمسافي ، مشفق من السلطان والرعية يترقب في كل موضع نزول المنية ، وأن يدهمه في مرقده ومنامه ببلية ، وأصبح خائفا على نفسه وماله هاربا من داره وعياله ، وأصبح جميع من في الحصن قد امنوا واطمئنوا في منازلهم وكنوا ، وصانعوا سلطانهم وداهنوا ، فلم يكن له من الاستسلام بد إذا لم يكن له إلى غيره سبيل ولا جهد ، فطالع في أمره واستشار واستشير له ذوو الأبصار واتبع في أمره فيما ظهر حكم الأبرار ، وأخذ بالرخصة من قول الأخيار أو مما لا نعلم أن فيه اختلافا أن «الإمام المدافع تسعه التقية إذا خذلته الرعية» ولم يكن معنا أصح من ذلك الخذلان ولا أبين من تلك العداوة وذلك العصيان ، والله هو الرؤوف بعباده المنان ، وما جعل الله على عباده في الدين من حرج ، بل الصحيح معناه أنه قد جعل لكل مدخل من دينه باب مخرج ، ولكل عاجز عن فرض من