تبارك وتعالى أولى بالعذر من البشر ، وكل من عذره الله في دينه فواجب أن يعذر ، وأن يعان في ذات الله فيما قد نزل به وينصر.
وكان راشد بن الوليد رحمه الله فيما ظهر إلينا من أمره ظاهر الإيمان ، عليه شواهد الفضل والإحسان ، ناهيا عن الشر والبهتان ، صادق الفعال واللسان ، ورعا عن المحارم مجتنبا عن المآثم ، عاملا بما علم سائلا عما نزل به ولزم ، متواضعا لمن هو فوقه ، متعطفا على من هو دونه ، كاظما للغيظ بعيد الغضب سريع الرضا محتملا للأمة حريصا على إصلاح المسلمين رءوفا رحيما بالمؤمنين ، متوشحا بكريم الأخلاق ، صبورا عند مضايق الخناق ، مستقيما على الحقيقة قاصدا قصد الطريقة ، تضرب به الأمثال ويعجز الواصفون عن وصفه بالمقال ، فرحم الله تلك المهجة وتلك الأوصال ، وتفضل علينا وعليه بالمن عنه والأفضال وأجمعنا وإياه على جزيل من ثوابه وكرامته ، وفعل ذلك لكل مؤمن ومؤمنة من عباده إنه أرحم الراحمين (١).
٢٩ ـ ذكر الأئمة المعقود لهم في عمان :
ومن الأئمة المعقود لهم بعمان الخليل بن شاذان (٢) ولعله كانت دولته في بضع وأربعمائة سنة ، ثم من بعده راشد بن سعيد ومات في شهر محرم سنة خمس وأربعين وأربع مائة (٣) ، ثم من بعده حفص بن
راشد بن سعيد ، ثم من
__________________
(١) يبدو أن هذه القطعة عن الإمام راشد بن الوليد قد نقلها المؤلف عن غيره لمظهور اختلاف بين أسلوبها عن أسلوبه في بقية الكتاب.
(٢) بين خذلان الإمام راشد بن الوليد وتنصيب الإمام خليل بن شاذان مدة خمس وستين سنة تداول فيها على حكم عمان عمال الخلافة العباسية وبعض صنائعهم المحليين ثم القرامطة. أنظر الكامل لابن الأثير في حوادث سنة ٣٦٣ ه وما بعدها.
(٣) توافق سنة ١٠٥٣ ميلادية.