الفقرة الثانية :
أسباب ضعف الحركة العلمية في ديار الإسلام
تختلف وجهات نظر الباحثين في تحديد بدء ضعف الحركة العلمية في ديار الإسلام لاختلاف مشاربهم ، فالباحثون المسلمون الواعون يرجعون ذلك إلى عهد المأمون العباسي الذي نشر علوم الزنادقة والفلاسفة في قلب المجتمع الإسلامي. أما الباحثون الآخرون فإنهم يجعلون بدء الضعف من وقت تدمير المنشآت العلمية من معاهد ، ومدارس ، ومكتبات ، وقتل العلماء على يد الصليبيين ، والتتار ، وغيرهم.
والرأي الثاني لا يرفضه بكامله أصحاب المذهب الأول ، إنما يرفضون منه جعله قاعدة البدء ، ولا أريد الخوض في جميع عوامل ضعف الحركة العلمية عند المسلمين ، وإنما أتكلم عن عاملين أساسيين فقط ـ مضت الإشارة إليهما ـ وهما :
(١) جلب علوم الأوائل الفاسدة إلى ديار المسلمين ، وانصراف كثير من العلماء إليها.
(٢) نكبة المسلمين في أنفسهم ، وبلادهم ، ومراكزهم العلمية من أعدائهم الكفرة ، والمنتسبين للإسلام ، ونكبتهم في ذلك أيضا عند تغيّر دولهم ، ونكبتهم أيضا عند حلول قوارع الزمن.
فالعامل الأول : كان له أثر كبير في وهن البنيان السليم للحركة العلمية