(٣) قوارع الباطنيين :
لقد ابتلى الله سبحانه وتعالى المسلمين بأعداء أشداء ، قلوبهم كالحجارة بل أشد قسوة ، فجاسوا خلال الديار ، وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، فكم من دماء سفكوا ، ومن أعراض هتكوا ، ومن معالم أزالوا.
وكان من ألد هؤلاء الأعداء ، وأعتاهم ، الباطنيون ، وأعوانهم من غلاة الرافضة.
فالعبيديون حاربوا أهل السنّة ، وقتلوا كثيرا من أئمتهم ، وعلمائهم ، فعبيد الله المهدي المجوسي الذي نصب نفسه خليفة «كان باطنيا خبيثا ، حريصا على إزالة ملة الإسلام ، أعدم العلماء ، والفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق ، وجاء أولاده على أسلوبه» (١).
والقائم بأمر الله بن المهدي ثاني ملوكهم كان «زنديقا ملعونا ، أظهر سب الأنبياء ... وقتل خلقا من العلماء» (٢).
والحاكم بأمر الله لعنه الله كان من أشد ملوكهم إيذاءا للمسلمين ، وعلمائهم.
والمستنصر بالله بالغ في محاربة السنّة وأهلها قال ابن تغري بردي : «وفي دولته كان الرفض والسب فاشيا مجهرا ، والسنّة والإسلام غريبا» (٣).
__________________
(١) تاريخ الخلفاء ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٢) المصدر السابق ٢٦٥.
(٣) النجوم الزاهرة ٥ / ٣. وفي عهد المستنصر المذكور منع الإمام الحافظ أبو إسحاق الحبّال المصري من التحديث قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٩٧ : «وكانت الدولة الباطنية قد منعوه من التحديث ، وأخافوه ، وهدّدوه فامتنع من الرواية ولم ينتشر له كبير شيء ... قلت : قبّح الله دولة أماتت السنة ورواية الأثارة النبوية ، وأحيت الرفض والضلال ، وبثّت دعاتها في النواحي تغوي الناس ويدعونهم إلى نحلة الإسماعيلية».
وكان بعض علماء أهل السنّة يدارون هذه الدولة خوفا من بطشها وسطوتها قال الذهبي في ترجمة الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٢٧١ :