بلادهم الواقعة شرق البحر الأسود ، وقد كان هؤلاء الكرج أهل بطش وظلم وعدوان ، لم يسلم من إيذائهم أحد من جيرانهم قبل الإسلام ولا بعده ، فقد تضررت منهم مملكة فارس قبل الإسلام ، ومن ثم راحوا يصبون النقمة والظلم على المسلمين من حولهم في بلاد أذربيجان ، وأرّان ، ودربند شروان ، وأرزن الروم ، وخلاط ، ولم يجسر أحد على الإيقاع بهم كما فعل جلال الدين بن علاء الدين خوارزم شاه آخر سلاطين الخوارزمية رغم ضعف دولته ، وقضاء التتر على معظم جنده.
كما قامت الدولة الخوارزمية بمحاربة الإسماعيليين الباطنيين ، ووضعوا السيف في جموع كبيرة جدا منهم.
ثم زالت الدولة الخوارزمية في آخر سنة ٦٢٨ ، ومحيت آثارها ، ونسفت ديارها ، وأبيدت جنودها على يد التتار الكفرة لعنهم الله فإنهم فعلوا في بلاد المسلمين من القتل والفحش والسبي والنهب والتخريب والفساد ما لم يسمع بمثله في تاريخ البشرية كلها.
وقد ذكرت من ذي قبل أن الدولة السّلجوقية تفرع عنها دويلات ، وذلك كدولة سلاجقة الروم ، وشاهات إرمينية ، ودول الأتابكة ، وسأتحدث فيما بعد إن شاء الله تعالى عن بعض دول الأتابكة ودورهم الفريد في محاربة الصليبيين ، وتمهيدهم الطريق للأيوبيين ومن ثم للمماليك في محو آثار الصليبيين من بلاد الشام ومصر.
(٢) دول الشام ومصر :
لم يحظ بلد من البلدان بما حظيت به بلاد مصر والشام من موقع جغرافي ، وسوقي ، وروحي مميز ، فكانت مهد النبوات ، ومهبط الحضارات ، وملتقى التجارات ، لذا تطلعت إليها الأنظار ، وتأسست فيها الدول الكبار ، وكانت أولى البلاد التي فتحها المسلمون في زمن الراشدين ، وظلت تحت