إلا فعل الخير بتقوية البلاد الإسلامية وتوحيدها لمواجهة الأعداء الحاقدين من الفرنجة وغيرهم ، وقد قرر على بلاد الجزيرة ابني أخيه قطب الدين ، وهما سيف الدين وعماد الدين ، كما بسط في جميع البلاد التي يحكمها الأمن والعدل والإحسان فمالت إليه القلوب ، وأنست بعهده النفوس.
ولما تم للملك العادل نور الدين محمود توحيد تلك البلاد أرسل أحد قواده العظام وهو أسد الدين شيركوه وبرفقته ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي إلى مصر ففتحاها ، وطردوا الفرنجة من ثغورها ، لكن سرعان ما توفي أسد الدين رحمه الله ، فتولى مكانه ابن أخيه صلاح الدين الذي كانت على يديه الكريمتين زوال معالم الخلافة العبيدية الرافضية ، وفتح بلاد اليمن بواسطة أخيه في سنة ٥٦٩ وتوحيدها بعد أن كانت مفككة تحكمها عدة دويلات.
وفي العام نفسه توفي الملك العادل نور الدين رحمة الله عليه ، بعد حياة حافلة بالجهاد والإصلاح والصلاح ، وكانت رقعة ملكه قد اتسعت لتشمل الموصل وبلاد الجزيرة ، وبلاد الشام ، والديار المصرية ، واليمنية ، والحجازية ، وأطاعه أصحاب ديار بكر ، وبذلك مهد العادل الطريق للسلطان الشهم المجاهد صلاح الدين الأيوبي ليسترد معظم مدن الشام من الفرنجة لعنهم الله.
* الدولة الأيوبية : قامت هذه الدولة الفتية على يد البطل الشهير ، والسلطان الكبير صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب ، وذلك أن هذا السلطان كان يحكم مصر نيابة عن الملك العادل نور الدين محمود ، فلما مات العادل نور الدين رحمه الله ضعفت الدولة الزّنكية ، فرأى صلاح الدين من الحكمة ضم جميع ولايات هذه الدولة تحت سلطانه ، ليتيسر له استرداد البلاد الشامية من الفرنجة ، وقد تحقق لصلاح الدين هذا الأمر ، فدانت له البلاد الجزرية ، والموصلية ، والشامية التي بأيدي المسلمين ، ثم كشف عن ساق الجد وراح يحارب الفرنجة ، ويدفعهم عن بلاد الإسلام ، فخاض معهم معارك