مستمرة وضارية ، حتى استرجع منهم معظم البلاد الشامية وخاصة بيت المقدس ، فتوسعت دولته بذلك بحيث شملت الديار المصرية ، والشامية ـ ما عدا أجزاء يسيرة ـ والجزرية ، والموصلية ، واليمنية ، والحجازية ، ثم توفي إلى رحمة الله سنة ٥٨٩ ، فتقاسم دولته خلفاؤه من بعده ، ثم زالت الدولة الأيوبية من مصر سنة ٦٥٢ على يد المماليك البحرية.
* دولة المماليك البحرية : المماليك البحرية هم الترك الذين اشتراهم (١) الملك الصالح أيوب بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر ـ أخي صلاح الدين ـ بن أيوب ملك مصر ، وبنى لهم قلعة بجزيرة الروضة في النيل وأسكنهم فيها ـ فلذا سموا البحرية ـ واتخذهم أمراء ، وأعوانا ، وجندا ؛ ثم توفي الصالح سنة ٦٤٧ ، فتولى الملك من بعده ابنه المعظم توران شاه فلم يلبث فترة يسيرة حتى قتل على يد مماليك أبيه سنة ٦٤٨ ، فأقام المماليك بعده زوجة أبيه الصالح شجرة الدر ، ثم عزلوها ، وولوا مكانها المعز (٢) أيبك التّركماني المملوكي سنة ٦٤٨ وبه بدأت دولة المماليك البحرية ، ثم ولوا مع المعز أحد الأيوبيين وهو الأشرف موسى بن يوسف ، لكن المعز عزله بعد ذلك ، وتفرد بالسّلطنة ، ثم قتل المعز ، فتولى مكانه ابنه المنصور علي الذي خلعه مملوك المعز الملك المظفر سيف الدين قطز وتولى مكانه عرش مصر ، وفي عهد هذا السلطان العظيم انتصر المسلمون بقيادته على جحافل التتار في موقعة عين جالوت الشهيرة فأفنى المسلمون التتار المحاربين قتلا ، وأخرجوهم من بلاد الشام كلها بعد أن أحكموا سلطانهم فيها ، وتعتبر هذه المعركة أول معركة يهزم فيها التتار هزيمة مؤثرة ، ثم تتالت عليهم الهزائم بعد ذلك ولله الحمد والمنّة ، وقد اشترك في هذه المعركة العظيمة قائد جند قطز بيبرس البندقداري حيث أبلى فيها بلاء حسنا ، وتتبع فلول التتار حتى أخرجهم من
__________________
(١) المماليك الترك هم الذين أوصلوا الملك الصالح إلى كرسي السلطنة ، لذا أكثر من شرائهم ، والعناية بهم.
(٢) لم يكن المعز ، ولا ابنه ، ولا قطز من المماليك البحرية.