ذكر خبر التتار
لا بد قبل الخوض في شرح الحالة العلمية في العصور المتعاقبة من ذكر أمر التتار الذين زالت بهم حضارة الشرق الإسلامية ، وعدمت بعد أن بلغت أوج مجدها وعزها.
فالتتار هم عالم كثير من التّرك ، كانوا يقطنون في المناطق الواقعة شمالي صحراء جوبي في منغوليا ، وفي مناطق من سيبيريا ، وكانوا قبائل متناحرة ، لا تخضع لقانون ، ولا تلتزم بنظام ، ولا تمتثل لخلق ، وكانوا يعبدون الكواكب ، ويسجدون للشمس.
فأراد أحد ملوكهم وهو «جنكيز خان» أن يجمع شمل تلك القبائل ، ويوحد بينها ، ويخضعها كلها لسلطانه ، فمكث عشرات السنين يعمل على تحقيق هذا الغرض ، ولم يصف له إلا بعد حروب ضارية ، ووقعات متتالية ؛ ثم قام بوضع قانون اجتماعي سارت على نهجه أمم التتار ؛ وبعد أن استتب له الأمر ، ودانت لسلطانه معظم القبائل ، رغب في توسعة رقعة مملكته على حساب الآخرين ، فاستولى على معظم بلاد الصين ، ثم أكمل ولده وخليفته من بعده «أجتاي» السيطرة على تلك البلاد.
وكان يفصل بين مملكة «جنكيز خان» وبلاد الإسلام في خراسان ، وما وراء النهر ، بلاد تركستان التي يحكمها قبائل من التّرك الكفرة تسمى بالخطا ، وهم عالم كثير ، كانوا يكثرون من الإغارة على بلاد الإسلام ، حتى