أسباب قوة الحركة العلمية وضعفها
في بلاد الإسلام
لقد بعث الإسلام في أرجاء الأرض نهضة علمية فريدة وعظيمة ، بدّد نورها ظلام الجهل ، وعمّ ضياؤها الحزن والسهل ، فأنس الناس بحسن رونقها ، واستعذبوا طيب حلاوتها ، وقرّت عيونهم ببهاء نضرتها ، فلم يمض عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعصر الراشدين المهديين من بعده ، حتى انتشر العلم في جميع ديار المسلمين ، فأولاه الناس عظيم عنايتهم ، وتوجهوا إليه بكليتهم ، فعشقته النفوس ، وشغفت بحبه القلوب ، وشنفت لسماعه الآذان ، وودّ كل ذي علم أن ينال منه القسط الأوفى ، والقدح المعلّى ، ولكن هيهات أن يحاط بجملته ، لأنه غائر الأعماق ، واسع الآفاق ، فهو بحر تنقطع الآجال دون بلوغ ساحله ، وفضاء تقصر الأبصار عن درك آخره ، هذا فيما مكننا الله من علمه ، فكيف بما وراء ذلك! وصدق ربنا حيث يقول : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(١).
ويمكنني أن أشرع في معالجة هذا الموضوع «أسباب قوة الحركة العلمية وضعفها في بلاد الإسلام» من خلال تقسيمه إلى فقرتين رئيستين تبرزان في عنوانه ، ألا وهما :
(١) أسباب قوة الحركة العلمية في بلاد الإسلام.
(٢) أسباب ضعفها.
__________________
(١) الإسراء ٨٥.