فالفقرة الأولى : وهي أساس هذا الباب ، وصلبه ، يمكن تناولها بدقة من خلال عرض تلك الأسباب ، وتوضيح مقاصدها ، وإليك هذا العرض والتوضيح :
السبب الأول : دعوة القرآن الكريم والسنة المشرفة إلى التعلم ، وحثّهما الناس على طلب العلم ، وبيانهما لفضيلته ، وإشادتهما بأهله.
فقد قال الله تعالى في كتابه الحكيم : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(١) ، وقال أيضا : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ)(٢) ، وقال أيضا : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٣) ، كما أمر سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن ثمّ عباده بالاستزادة من العلم فقال سبحانه : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(٤).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» (٥) ، وقال أيضا : «من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله له طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ، ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد ، كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر» (٦).
__________________
(١) الزمر ٩.
(٢) المجادلة ١١.
(٣) فاطر ٢٨.
(٤) طه ١١٤.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب العلم ، باب ١٣ ، حديث ١ ، وفي كتاب الاعتصام بالسنّة ، باب ١٠ ، حديث ١.
(٦) أخرجه الترمذي في جامعه ـ واللفظ له ـ في كتاب العلم ، باب ١٩ ، حديث ٢ ، وأبو داود في سننه في كتاب العلم ، باب ١ ، حديث ١ ، وابن ماجه في سننه في المقدمة باب ١٧ ، حديث ٤ ، وأحمد في مسنده ٥ / ١٩٦.