الدواب بين الصفين ، نمشي تارة ، ونقف أخرى» (١).
وقال أيضا : «لقد مر بنا رجل جمع بين العلم والتصوف ، وأنه يؤثر زيارة السلطان ، فعرّفت السلطان رحمة الله عليه تلك الليلة وصول هذا الرجل ، فاستحضره ، وروى عنه حديثا» (٢).
وقال أيضا إنه كان : «حافظا لأنساب العرب ووقائعهم ، عارفا بسيرهم وأحوالهم ، حافظا لأنساب خيلهم ، عالما بعجائب الدنيا ، ونوادرها ، بحيث كان يستفيد محاضره منه ما لا يسمع من غيره» (٣).
وكذلك كان كثير من خلفاء صلاح الدين أهل علم ، ودراية ، ورواية ، وفقه :
فالملك المعظم عيسى ابن الملك العادل محمد ملك دمشق والشام ـ وهو ابن أخي صلاح الدين ـ حفظ القرآن ، وبرع في الفقه على مذهب أبي حنيفة ، ودرس العربية ، والحديث ، وغيرهما من العلوم ، وصنف التصانيف المفيدة ، منها السهم المصيب في الرد على الخطيب ـ ذب فيه عن الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه ـ وشرح الجامع الكبير في الفقه بمعاونة غيره ؛ وسمع مسند الإمام أحمد ، وأمر بترتيبه ، وكان يبحث ، ويناظر ، ويفتي.
والملك الكامل محمد ابن الملك العادل محمد ملك مصر والشام وغيرهما ـ وهو أخو المعظم ـ كان عالما بالحديث ، يحرص على حفظه ونقله ، وقد شغف بسماعه ، وله تعليقات حسنة على صحيح مسلم ، وخرّج له الشيخ أبو القاسم بن الصّفراوي أربعين حديثا سمعها منه جماعة ، وكان يناظر العلماء ، ويكثر من مجالستهم.
__________________
(١) النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ٢٠.
(٢) المصدر السابق ٣١ ـ ٣٢.
(٣) المصدر السابق ٣٤.